شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[مسائل متفرقة في القياس]

صفحة 174 - الجزء 1

  وما يقال: في كون هذه الأخبار آحادية لا يثبت بها هذا الأصل، ولو سُلِّم فالإجماع سكوتي ظني كذلك⁣(⁣١) - فمردود بأن بين تلك الآحاد قدراً مشتركاً هو العمل بالقياس، وذلك متواتر، ولا يلزم تواتر الجزئيات كشجاعة علي #. والإجماع السكوتي في مثله ليس بظني؛ إذ السكوتي الظني محله المسائل الظنية، (و) مثل هذا السكوتي قطعي لا ظني؛ إذ (المسألة قطعية)؛ لأن العادة تقضي بأن السكوتَ في مثله من الأصول العامة الدائمة الأثر وفاقٌ، ووفاقهم حجة قاطعة؛ لأن إثباته دليلاً كالكتاب والسنة أصل من أصول الشريعة، وأصول الشريعة لا تثبت إلا بدليل قاطع. قال في الفصول: ولا يفسق منكره - خلافاً للباقلاني - وإن قُطِعَ بخطئه.

  وما رُوِيَ عن بعضهم من التهجين في استعماله محمولٌ على ما كان صادراً عن الجهال، ومن ليس له رتبة الاجتهاد، وما كان مخالفاً للنص والقواعد الشرعية، أو لم يكن له أصل يشهد له بالاعتبار، أو مستعملاً فيما تعبدنا فيه بالعلم دون الظن، أو كان وصفه طردياً؛ جمعاً بين النقلين.

[مسائل متفرقة في القياس]

  واعلم أن مختار أئمتنا $ والجمهور أنه يجري في الأسباب⁣(⁣٢)؛ لعموم الدليل، وللوقوع، كقياس المثقل إذا قتل به في كونه سبباً للقصاص على المحدد إذا قتل به، بجامع القتل العمد العدوان، وكقياس اللواطة على الزنا في كونها⁣(⁣٣) سبباً للحد، بجامع الإيلاج المحرم المشتهى.


(١) أي: لا يثبت به هذا الأصل.

(٢) بأن يجعل الشارع وصفا سببا لحكم، فيقاس علاه وصف آخر فيحكم بكونه سببا.

(٣) قوله: «في كون سببا للحد» بيان للحكم الذي هو محل النزاع في هذه المسألة وهو سببية اللواطة والمثقل للحد والقصاص، فليس الحكم المتنازع فيه هو نفس الحد والقصاص؛ إذ لو كان كذلك يكن ذلك قياسا في الأسباب، بل في إثبات الحد، وليس ذلك مما نحن فيه.