[مسائل متفرقة في القياس]
  (و) أنه يجوز التعبد في جميع الأحكام بالنصوص؛ لأنه يجوز أن ينص الله تعالى على صفات المسائل في الجملة، فيدخل تفصيلها فيها، ويجوز أن يكون في ذلك مصلحة، كأن ينص تعالى على أن الربا في كل موزون، وأنه يجوز أكل ما نبت في الأرض(١)، وأن كل مائع مطهر، وأن كل حي لا يجوز ذبحه ولا أكله، ونحو ذلك من معاقد التحليل والتحريم العامة بقيد يشملها.
  فأما التعبد بالقياس في جميعها فالصحيح أنه (لا يجري القياس في جميع الأحكام) لا باعتبار المجموع من حيث هو مجموع، ولا باعتبار كل فرد فرد؛ أما الأول فلأنها إما أن تقاس على أمور شرعية، وهو خلاف الفرض(٢).
  [قلت: ولأنه قد تقرر أنه لا بد للقياس من مستند شرعي عام أو خاص، وأيًّا مَّا كان فهو خلاف الفرض أيضاً](٣).
  وإما على أمور عقلية باعتبار وجه حسنها أو قبحها، ويلزم كونها عقلية لا شرعية.
  وأيضاً فإنا لم نجد في العقل أصلاً لوجوب الصلاة، وأعداد ركعاتها وسجداتها، وشروطها، وأوقاتها، ولم يعلم وجه وجوبها كذلك من جهة العقل حتى يقع القياس لها على غيرها.
  وأما الثاني(٤) فلا يصح؛ (إذ فيها(٥) ما لا يعقل معناه) كما ذكرنا في الصلاة، وكضرب الدية على العاقلة، والقسامة، ومعظم التقديرات، (والقياس فرع تعقل المعنى) أي: العلة الجامعة، فلا يصح مع عدم معرفتها.
  (ويكفي) في القياس (إثبات حكم الأصل) المقيس عليه (بالدليل) من
(١) «تنبت الأرض». نخ
(٢) لأنا قد فرضنا أن جميع الشرعيات مقيسة ولم يبق منها شيء يقاس عليه.
(٣) عُلق عليه في الأم بأنه مخدوش في نسخة المؤلف.
(٤) أي: باعتبار كل فرد فرد، والله أعلم.
(٥) هذا يفيد أنه لا يقاس عليها الجميع، والفرض أنه لا يثبت جميعها بالقياس كما هو ظاهر السياق. تأمل