شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أركان القياس]

صفحة 177 - الجزء 1

  (وفرع) وهو المشبه الذي هو محل الحكم المراد إثباته.

  وكان الأنسب أن يُجعل عبارة عن حكمه - كما قال البعض - لأنه الذي يبتني على الغير ويفتقر إليه، دون المحل، ولكنهم لما سموا محل الحكم المشبه به أصلاً سموا المحل الآخر فرعاً؛ لكونه مقابله، على طريق المجاز. وقدم على الحكم والعلة لمقابلته الأصل؛ فناسب ذكره عقيبه؛ لما بين المتقابلين من اللزوم في الذهن.

  (وحكم) وهو ما دل عليه الدليل من التحريم ونحوه في الأصل، المطلوب إثبات مثله في الفرع، وهذا المثل هو ثمرة القياس التي يتناولها تكليف القياس، وإلا فإن ثمرة القياس وغيره من التكاليف رضا رب الأرباب. فلا يصح أن يعد⁣(⁣١) من أركانه؛ لأن عده منها يقتضي توقف القياس عليه، والمفروض توقفه على القياس، فيكون دوراً.

  وهو مبني على أن الدليل يقتضي نفس الحكم لا العلم بالحكم، وهما قولان صحح ثانيهما⁣(⁣٢).

  فإن قيل: إذا رجح الثاني كانت ثمرة القياس العلم بالحكم لا نفسه، فعد حكم الفرع من أركان القياس لا يقتضي الدور، فهلا قيل بأنها خمسة.

  أجيب: بأن الحكم في الأصل والفرع واحد باعتبار نوعه⁣(⁣٣)، وإن تعدد شخصاً لتعدد المحال⁣(⁣٤). ولعل هذا وجه إطلاقه⁣(⁣٥) وعدم تقييده بإضافته إلى الأصل كما في هذا الكتاب، وإضافته في غيره لسبقه في الاعتقاد⁣(⁣٦).


(١) أي: حكم الفرع.

(٢) كذا ذكره في الهداية، وهو نقيض ما ذكره في باب النسخ من كون القياس كاشفاً لا مثبتاً باتفاق، إلا أن يكون المراد من التصحيح هنا هو الاتفاق، وهو بعيد.

(٣) أي: نوع الحكم كالتحريم.

(٤) كتحريم الخمر والنبيذ.

(٥) أي: بقوله: وحكم.

(٦) أي: لسبق حكم الأصل في الاعتقاد، أي: في اعتقاد ثبوته، فإن العلم به سابق على العلم بحكم الفرع.