[شروط الأصل]
  للتعدية، أي: جعل عادلاً ومجاوزاً عنه فلم يبق على منهاجه(١)، فلا يقاس عليه حينئذ، وهو قسمان:
  أحدهما: لا يعقل معناه، وهو إما غير مُخْرَج عن قاعدة مقررة كمقادير العبادات(٢)، وإما مخرج عنها بأن قصر حكمه على الأصل، كما روي أن أبا بردة بن نيار - بكسر النون وتخفيف المثناة من تحت خال البراء - قال: يا رسول الله، إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن هذا اليوم يوم أكل وشرب، فأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة، فقال ÷: «شاتك شاة لحم»، قال: يا رسول الله، فإن عندي عناقاً جذعة هي أحب إلي من شاتين أفتجزي عني؟ قال: «نعم، ولا تجزي(٣) عن أحد بعدك(٤)».
  والثاني: ما يعقل ولم يعتبر في محل آخر، كترخيص المسافر لما فيه من المشقة المناسبة للترخص، لكنها لم تعتبر في غيره كالحدادة في القيظ في قطر حار، والله سبحانه أعلم.
  (و) الشرط الثالث أن (لا) يكون متفرعاً عن أصل (ثابتاً بقياس) آخر، عند الجمهور؛ لأنه إن اتحدت العلة الجامعة بين القياسين اللذين أحدهما لإثبات المطلوب(٥) والآخر لإثبات أصله - انتفت الفائدة؛ لأن ذكر الوسط - أعني
(١) أي: منهاج القياس.
(٢) والحدود والكفارات وغيرها. شرح غاية
(٣) فهذا مخرج عن القاعدة؛ لأن القاعدة أنه لا يجزي الذبح للعناق الجذعة.
(٤) وغيره ممن خص بذبح الجذع، وقد جمعهم الديبع فقال:
لقد خصص الرحمن حقاً جماعة ... بذبح عناق في الضحية يقبل
أبو بردة منهم وزيد بن خالد ... كذا عقبة نجل لعامر ينقل
يقال: خص زيد بالذكر، إذا ذكر دون غيره، وفي الكشاف في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} يعني نخصك بالعبادة لا نعبد غيرك، وأما استعمال الباء في المقصور عليه فقليل، كما في قولهم: ما زيد إلا قائم إنه لتخصيص زيد بالقيام، لكنه مما يتبادر إليه الوهم كثيراً حتى إنه يحمل الاستعمال الشائع على القلب، ذكره في التلويح.
(٥) وهو الحكم في الفرع.