شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

فصل: [الدليل الرابع القياس]

صفحة 180 - الجزء 1

  ما هو أصل في قياس وفرع في آخر - ضائع؛ لإمكان طرحه من الوسط، وقياس المطلوب على أصل ما جعل أصلاً له.

  مثاله: قياس الشافعي السفرجل على التفاح في الربوية بجامع الطُّعم، فتمنع ربوية التفاح، فيلحقه بالبر بالطعم أيضاً، فإنه حينئذ يضيع ذكر التفاح؛ لإمكان إلحاق السفرجل بالبر من دونه.

  وإن تعددت⁣(⁣١) فسد القياس؛ لأن علة حكم الأصل⁣(⁣٢) المطلق هي المعتبرة، ولم توجد في الفرع المطلق، والموجود فيه علة غير معتبرة، فلا مساواة بين الفرع المطلق وأصله في العلة المعتبرة، ولا اعتبار بمساواة في غيرها، فلا تعدية، كما لو قيس الجذام على الرتق في فسخ النكاح به بجامع كونهما عيباً يفسخ به البيع، فيمنع أن النكاح يفسخ بالرتق، فيثبت بقياسه على الجب بجامع فوات الاستمتاع، ففوات الاستمتاع هو الذي يثبت لأجله الحكم في الرتق، وهو غير موجود في الجذام، والوصف الثابت في الجذام لم يثبت اعتباره.

  وأجازت الحنابلة القياس على المقيس، ومنعوا لزوم المساواة في العلة؛ لجواز أن يثبت الحكم في الأصل بعلة وفي الفرع بأخرى، كما يجوز أن يعلم ثبوته في الفرع بدليل هو القياس، وفي الأصل بدليل آخر من نص أو إجماع. ورد بالفرق بين العلة والدليل: بأنه يلزم من عدم المساواة في العلة امتناعُ التعدية وانتفاءُ القياس، بخلاف اختلاف الدليل⁣(⁣٣).


(١) «وإن كانت غير علة الأصل المطلق». نخ.

(٢) كالجب في المثال المذكور، والفرع المطلق كالجذام فيه.

(٣) فإن احتجوا بأنه لا مانع من اعتبار الشارع للوصفين في حكم واحد؛ لجواز تعدد العلل كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ووجود أحدهما في محل النص غير مانع من اعتبار الآخر، فينفرد كل من الأصل والفرع المطلقين بوصف، ويجتمع الوصفان فيما هو أصل وفرع باعتبارين - أجيب: بلزوم التسلسل، وأن يكون الفرع الأخير بعيد الشبه؛ إذ ما من فرع إلا وفيه بعض تفاوت عن شبه ما هو أصل له، ومع تعدد التفاوت يكون الفرع الأخير بعيد الشبه، فيكون ذلك إلحاقاً لفرع بأصل بلا شبه كامل، وفي الجواب ما لا يخفى فليتأمل والله أعلم. منه.