فصل: [الدليل الرابع القياس]
  إذ شرع تيسيراً وبدلاً عما هو أشق منه(١)، والوضوء مبني على التغليظ؛ إذ شرع ابتداء لا بدلاً عما هو أشق منه، والله أعلم. وقد تقدم(٢) رواية الفصول عن أئمتنا والجمهور(٣).
  (و) الشرط الثاني سلبي، وهو (ألا تتقدم شرعية حكمه) أي: الفرع (على حكم الأصل)؛ لامتناع أن يكون شرع ما تقدم وجوبه مستفاداً مما تأخر وجوبه؛ لأن الدليل(٤) الذي الأصل من أركانه تأخر عن المدلول الذي هو حكم الفرع، بسبب تأخر أحد أركانه كما عرف، وقد كلفنا العلم بالمدلول عليه قبل حصول الدليل(٥)؛ فيمتنع؛ لأن ذلك يكون تكليفاً بما لا يمكن، ومن جوز تكليف ما لا يطاق جوزه. ومثاله: الوضوء شرط في الصلاة فتجب فيه النية كالتيمم، فإن شرعيته بعد الهجرة، وشرعية الوضوء بمكة.
  (و) الشرط الثالث سلبي أيضاً، وهو (ألا يرد فيه نص(٦)) المراد بالنص هنا: ما يقابل القياس والاجتهاد كما مر، أعم من أن يكون ذلك الدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع، قطعيًّا أو ظنيًّا، خاصًّا مصادمًا أو موافقًا، أو شاملًا له مع حكم الأصل، أما الخاص المصادم فقد سبق في الأخبار، وأما الموافق فللاستغناء عنه به(٧)، وأما الشامل فيكون جعل أحدهما أصلاً(٨) والآخر فرعاً
(١) وقد يتوهم أن باب قياس الأولى من هذا القبيل الممنوع، وليس كذلك؛ لأن قياس الأولى قد يكونان فيه - أعني الأصل والفرع - مغلظين مبنيين على التغليظ، كالضرب على التأفيف، وليس أحدهما مبنياً على التخفيف دون الآخر.
(٢) في الشرط الأول من شروط الأصل.
(٣) من أنه لا يضر اختلافهما تغليظاً أو تخفيفاً.
(٤) أي: القياس.
(٥) أي: القياس.
(٦) أي: دليل، من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم، فيكون المراد. صح من نخ المؤلف، وهو بدل قوله: المراد بالنص هنا ما يقابل القياس والاجتهاد كما مر.
(٧) أي: فللاستغناء عن القياس بالدليل.
(٨) يقال: يجوز أن تكون دلالته على أحدهما أقوى فيكون بالأصالة أولى.