شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ثاني طرق العلة: النص]

صفحة 195 - الجزء 1

[ثاني طرق العلة: النص]

  (وثانيها) أي: الطرق الأربع (النص) من الكتاب والسنة (وهو) نوعان؛ لأنه: إما (صريح) وهو: ما دل بوضعه، (وغير صريح) وهو: ما لزم مدلول اللفظ.

  (فالصريح: ما) صرح فيه بالعلة، أو (أتى فيه بأحد حروف العلة، مثل: لعلة كذا، أو لأجل كونه كذا، أو لأنه، أو فإنه، أو بأنه، أو نحو ذلك) كإذاً، وكي، وإنْ الداخلة على ما لم يبق للمسبب ما يتوقف عليه سواه، وأَن⁣(⁣١) بالفتح مخففاً ومثقلاً بتقدير اللام⁣(⁣٢)، فإن تقديره كالتصريح.

  ومراتبه أربع: أقواها النص في التعليل بحيث لا يحتمل غير العلية، كالتصريح بلفظ العلة، وكقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}⁣[المائدة ٣٢]، و {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا}⁣[طه ٤٠]، و {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ}⁣[الإسراء ٧٥].

  ثم ما هو ظاهر فيه محتمل غيره، كلام التعليل، وباء السببية، وإنْ الداخلة على ما لم يبق للمسبب⁣(⁣٣) ما يتوقف⁣(⁣٤) عليه سواه؛ لمجيء اللام لنحو: العاقبة⁣(⁣٥)، والباء لنحو: المصاحبة⁣(⁣٦)، وإنْ لِلُّزوم⁣(⁣٧) من دون سببية، ولثبوت أمر على تقدير آخر على طريق الاتفاق⁣(⁣٨).

  ثم ما دخلت عليه الفاء: إما على العلة الغائية المتأخرة عن الحكم، كقوله ÷ في المحرم الذي وقصته⁣(⁣٩) ناقته: «لا تمسوه طيباً ولا تخمروا


(١) كقوله تعالى: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ١٤}⁣[القلم].

(٢) أي: لإنْ ولأنَّ.

(٣) نحو: إن تاب غفر له.

(٤) «علة». نخ

(٥) مثل: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}⁣[القصص ٨].

(٦) مثل: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ}⁣[الحج ٤٦].

(٧) مثل: زيد وإن كثر ماله بخيل.

(٨) نحو: إن كان الإنسان ناطقاً فالحمار ناهق.

(٩) يقال: وقصت الناقة براكبها وقصاً من باب وعد: رمت به فدقت عنقه. مصباح.