شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الثالث عشر: النقض]

صفحة 240 - الجزء 1

[الثالث عشر: النقض]

  وثامنها: هو (الثالث عشر) من الاعتراضات: (النقض(⁣١) : وهو عبارة عن ثبوت الوصف في صورة مع عدم الحكم فيها). ولا يجب على المستدل الاحتراز عنه بذكر قيد يُخرج محل النقض⁣(⁣٢) على المختار؛ لأَوْلِهِ⁣(⁣٣) إلى المعارضة؛ لكونه⁣(⁣٤) دليلاً لعدم العلية، فهو بالحقيقة معارضة، والمعارضة لا يجب على المستدل نفيها قبل ورودها، كما سيأتي⁣(⁣٥) إن شاء الله تعالى.

  (وجوابه) بأحد أمور أربعة⁣(⁣٦): إما (بمنع) الجزء الأول، أي: (وجود الوصف في صورة النقض)، أو بفقد قيد من قيوده المعتبرة. والأصح أن للسائل إثباته مطلقاً⁣(⁣٧)، بأن يستدل على وجوده بعد المنع⁣(⁣٨) أو قبله؛ ليتم إبطال⁣(⁣٩) الدليل، وقد مُكِّنَ منه⁣(⁣١٠) فليُمَكَّن من مُتَمِّماته.

  (أو بمنع) الجزء الثاني، أي: (عدم الحكم فيها) كي لا يتحقق، بأن يقول: لا أسلم عدم الحكم في صورة النقض. والأصح - أيضاً - أن للسائل إثبات التخلف بإقامة الدليل عليه؛ ليحصل مطلوبه. (وذلك) أي: كون الجواب⁣(⁣١١) بما تقدم من منعه بالأصالة - إذا كان المستدل لا يرى جواز تخصيص العلة.


(١) والدليل على أن النقض قادح في صحة الاستدلال قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ...} الآية [الأنعام ٩١]، فلو لم يكن النقض دليلاً على فساد الكلام لما كانت حجة الله مفيدة لهذا المطلوب. ذكر معناه في النهر.

(٢) وهو العرايا فنقول مثلاً في تعليل الذرة بأنها مطعوم فيجب فيه التساوي كالبر: ولا حاجة تدعو إلى التفاضل فيه، فيُخرج العرايا.

(٣) هذا دليل المختار.

(٤) أي: النقض.

(٥) في بحث المعارضة في الفرع من أنه لا يجب الإيماء إليه ابتداءً؛ لأن الترجيح شرط لدفع المعارض إذا ظهر، لا مطلقاً.

(٦) «ثلاثة». نخ.

(٧) شرعي أو غيره.

(٨) أي: منع المستدل.

(٩) أي: ليحصل إبطال دليل المستدل.

(١٠) أي: من الإبطال، فكما أنه مُمكن من الإبطال فكذا من متمماته. سيلان.

(١١) وبما ذكرنا يندفع ما أشار إليه بعض الشارحين من أن الإشارة ليست في محلها؛ لأنها إشارة إلى الجواب الثالث وهو مستقل بعد تحقق النقض وما تقدم لمنعه بالأصالة فتأمل، والله أعلم.