شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الاستدلال]

صفحة 264 - الجزء 1

  وإلى غير معمول به، كاستصحاب النص بعد نسخه، و (كقول بعض الشافعية في المتيمم يرى الماء في صلاته: يستمر فيها)؛ لأن الظاهر بقاء تلك الطهارة، فيستصحب الحال في بقائها، فيستمر على ما هو فيه، ويتم صلاته، وتكون صحيحة (استصحاباً للحال) الأول؛ (لأنه قد كان عليه المضي فيها قبل رؤية الماء) ومن رَامَ إيجاب الطهارة بالماء، وحَكَمَ بعدم صحة الصلاة بعد رؤيته، وأَنَّ تيممه يبطل لذلك - فعليه إقامة الدليل.

  قلنا: الحال الثانية غير مساوية للأولى؛ لوجود الماء في الثانية دون الأولى، وليس المقتضي لصحة الصلاة بالتيمم أولاً إلا فقدان الماء، وقد وجد؛ فلم يشاركها حالة الوجدان في ذلك المقتضي للحكم - وهو عدم الماء - حتى يوجد الحكم لوجود ما يقتضيه، فيلزم انتفاء الحكم؛ إذ يكون ثبوته - لو حكم به - من غير دليلٍ، وهو لا يصح، فبطل أن يكون الاستصحاب هنا حجة، فلا تصح الصلاة عند جمهور أصحابنا إلا بالماء مطلقاً.

  وعند بعضهم: إن غلب ظنه بإدراكها مع الطهارة والوقت باقٍ، وجوّز مالك والشافعي الخروج والاستمرار، والله أعلم.

  النوع (الثالث) من أنواع الاستدلال (شرع من قبلنا) من الأنبياء À أجمعين وعلى آلهم الطاهرين. وقد اختلف⁣(⁣١) في تعبده ÷ قبل البعثة بشرع مَنْ قبله، فقال البيضاوي وابن الحاجب وغيرهما: بالثبوت، ثم اختلفوا أكان متعبداً بدين معين أو لا؟

  فقيل: بمعين وهو شرع نوح، وقيل: إبراهيم، وقيل: موسى، وقيل: عيسى، وقيل: بما ثبت من الشرائع السالفة بطريق مفيد للعلم؛ لتظافر الأحاديث بذلك، فقد جاء في الصحيح أنه كان ÷ يخلو بغار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات


(١) ومحل الخلاف فروع اختلفت فيها الشرائع، أما الأصول المتفق عليها في جميع الشرائع كالتوحيد ومعرفة الله تعالى وصفاته فلا خلاف فيها بين الأنبئاء $ فإن اعتقادهم واحد.