شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الاستحسان]

صفحة 267 - الجزء 1

  (و) أما بعد البعثة: فمختار الأخوين والمنصور بالله $ وبعض الفقهاء: (أنه بعدها متعبد بما لم ينسخ من الشرائع، فيجب علينا) التأسي به ÷ و (الأخذ بذلك) الشرع المتقدم (عند عدم الدليل) من الكتاب والسنة والإجماع (في شريعتنا) المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعلى آله.

  وذهب أكثر أئمتنا $ والجمهور إلى أنه ÷ لم يكن متعبداً بشرع من قبله، وأدلة الفريقين من الكتاب متكافئة.

  ويعضد دليلَ المانع: الإجماعُ على أن شريعته ناسخة لشريعة غيره⁣(⁣١)، وعلى عدم وجوب تعلم أحكام من قبلنا، وعلى جواز الاجتهاد عند فقد حكم الحادثة في القرآن والسنة، وعدم رجوعه إلى الكتب المتقدمة فيما دهمه من الحوادث كمسألة الميراث والإيلاء والظهار والتيمم والقذف، فإنها لما حدثت توقف حتى نزل الوحي عليه ببيانها، فلو كان متعبداً بشيء من الشرائع لما جاز له أن يتوقف مع تجويز أن يعرف ذلك من جهة الكتب المتقدمة وأهلها، ولوجب عليه الرجوع إليها، ولا ينتظر الوحي، والمعلوم خلافه لوجهين:

  أحدهما: أن ذلك لو كان لنقل نقلاً متواتراً.

  الثاني: أن المأثور أنه ÷ رأى عمر يطالع في ورقة من التوراة فغضب حتى احمرت وجنتاه، وأنكر عليه، وقال: «أتريد أن تتهود يا ابن الخطاب؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه غير اتباعي⁣(⁣٢)».

[الاستحسان]

  (قيل: ومنه) أي: من الاستدلال: (الاستحسان) وهو لغة: ميل النفس إلى شيء، واعتقاد حسنه.

  (و) اختلف في حقيقته، فقال أبو طالب والمنصور بالله @ والكرخي وأبو


(١) وهو ينافي تعبده بها.

(٢) رواه في كتاب المدخل في أصول الفقه للإمام أحمد بن سليمان #، والله أعلم.