[مذهب الصحابي]
  وروي أيضاً من طريق جميل بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد، قال ابن حجر: وجميل لا يعرف، قال: ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه.
  وأما حديث: «اقتدوا ..» فضعفه الذهبي.
  وأما حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» فرواه أبو داود، وضعَّفه ابن القَطَّان.
  وإن سُلِّم فالخطاب للمقلّدين؛ لأنه خطاب للصحابة وليس بحجة عليهم اتفاقاً كما سبق؛ وحينئذ (فالمراد به) أي: بما ذكر من الأحاديث المفروض صحتها: (المقلَّدون) أي: الذين يجوز تقليدهم، لا الاتباع في المذهب، وإلا كان تقليد بعضهم بعضاً واجباً، وهو خلاف الإجماع. أما علي # فقد قامت الدلالة على حجية قوله كما تقدم.
  ومتى ذكر الصحابي حكماً: فإن لم يكن للاجتهاد فيه مسرح حمل على التوقيف من النبيء ÷، كأن يقول: من فعل كذا فله كذا ثواباً، أو عليه كذا عقاباً؛ فهذا لا يدرك بالاجتهاد، بل طريقه النصوص السمعية، كما روي عن عائشة(١) في مسألة العَيْنَة أنها قالت: أَخْبِرْ زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول الله ÷ ببدر وحنين. وكما روي عن ابن مسعود أنه قال: ذو اللسانين في الدنيا له لسانان من نار يوم القيامة. أخرجه ابن عساكر.
  وإن كان للاجتهاد فيه مسرح: فإنه يجوز أنه قاله لنص سمعه، وأن يكون قاله باجتهاده. أو اجتهاد من قلده.
  قلت: وينبغي أن يجري هذا التفصيل في رواية غير الصحابي؛ إذ الحكم واحد، والله أعلم.
(١) في أصول الأحكام ما لفظه: روي أن امرأة قالت لعائشة: إني بعت من زيد بن أرقم خادماً بثمانمائة درهم إلى العطاء ثم اشتريته بستمائة، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت أبلغي زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهاده مع رسول الله ÷ إن لم يتب؛ فقالت: أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي؟ فقالت عائشة: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}. وهذه المسألة هي المشهورة بمسألة العينة، وهي بيع العين بزيادة على ثمنها لأجل إنظار البائع للمشتري بالثمن.