شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[دلالة الاقتضاء]

صفحة 7 - الجزء 2

  (فإن قُصِدَ) أي: قصد المتكلم ذلك اللازم بإطلاق اللفظ، (و) هذا بحكم الاستقراء قسمان؛ لأنه إما أن يتوقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه أو لا.

[دلالة الاقتضاء]

  فإن (توقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه) أي: على ذلك اللازم (فَدلالة الاقتضاء) أي: فهو المسمى بدلالة الاقتضاء؛ لأن الحاجةَ إلى صون الكلام عن الكذب والفساد العقلي أو الشرعي اقْتَضَتْ ذلك المقدرَ؛ فهو في حكم المنطوق وإن كان محذوفاً.

  أما ما يتوقف عليه الصدق فهو (مثل) قوله ÷: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) وما استكرهوا عليه» رواه الطبراني في معجمه الكبير عن ثوبان، وله شاهد صحيح رواه ابنُ ماجه⁣(⁣١) بسند جيد، وابنُ حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال: إنه على شرط الشيخين.

  فإن ظاهره⁣(⁣٢) يقتضي نفيهما⁣(⁣٣) بالكلية عن جميع الأمة، لكنه يفضي إلى الكذب في كلام رسول الله ÷؛ للقطع بصدورهما من الأمة، فلا بد من إضمار حكمٍ يمكن نفيه من الأحكام الدنيوية أو الأخروية، كالعقوبة والذم والقضاء إلى غير ذلك، إلا ما خَصَّه دليلٌ كإيجاب الكفارة والدية⁣(⁣٤)، فَيدُلُّ التخصيصُ على عدم قصد المخرَج كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  وأمَّا الصحة العقلية فنحو قوله تعالى حاكياً⁣(⁣٥): {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهلها؛ إِذ لو لم يُقَدَّرْ أَهلٌ ونحوُهُ لم يَصحَّ عقلاً؛ فإنَّ العقل - مع قطع النظر عن


(١) بالهاء وصلاً ووقفاً.

(٢) أي: الخبر.

(٣) أي: الخطأ والنسيان.

(٤) في حق المخطئ، والمفطر ناسياً في رمضان على قول. ذكر معنى هذا في شرح ابن حابس.

(٥) حكاية (نخ).