شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[مفهوم الموافقة]

صفحة 13 - الجزء 2

فصل: [في المفهوم]

  (والمفهوم) هو ما يستفاد من اللفظ باعتبار أنه يفهم منه، وباعتبار أنه قصد منه يسمى: مَعْنىً، وباعتبار أنه دال عليه يُسمى: مَدلولاً، وباعتبار أنه وضع له اسم: مُسَمَّى⁣(⁣١).

  وحقيقته: بخلاف المنطوق، فهو: (ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق) أو: ما أفاده اللفظُ من أحوالٍ لأمرٍ غير مذكور.

  (وهو نوعان): لِأن حكم غير المذكور إِمَّا موافق لحكم المذكور نفياً وإثباتاً أو لا.

[مفهوم الموافقة]

  (الأول: متفق عليه) في كونه دليلاً شرعياً، وإنما اختلفوا في وجه الدلالة على الحكم في المسكوت عنه؛ فقيل: إن ذلك من جهة القياس؛ لتوقفه على معرفة الجامع⁣(⁣٢)، وهو المسمى: بالقياس الجلي، واختاره صاحب الفصول ونسبه إلى الجمهور، وسواء فيه الأَوْلى والمساوي.

  وقال ابن الحاجب ومن وافقه: إن الأَوْلى من باب المفهوم، والمساوي من باب القياس.

  والمشهور أنهما من باب المفهوم لا القياس، ونقله الرافعي وغيره عن الأكثر؛ فمستند الحكم في المسكوت هو فحوى الدلالة اللفظية لا الدلالة القياسية؛ للقطع بأن العرب إنما يريدون بمثل هذه العبارة المبالغة في تأكيد الحكم في موضع السكوت، حتى كأنها موضوعة بالوضع النوعي للمبالغة المذكورة؛


(١) كلفظ زيد بالنسبة إلى شخصه؛ فمن حيث إن شخصه يفهم ويأتي في الذهن عند إطلاق لفظه فهو مفهوم له، ومن حيث إن لفظ زيد يدل على الشخص فهو مدلول له، ومن حيث إن الشخص معنى ومقصود للمتكلم عند إطلاق لفظ زيد فهو - أي: شخص زيد - معنى للفظ زيد، وباعتبار أن زيداً وضع له اسم فهو - أي: شخص زيد - مسمى. تمت من حاشية على حاشية ملا عبدالله على شرح التهذيب.

(٢) كالإكرام في منع التأفيف.