[تعريف أصول الفقه]
  واستمداده(١): من الكلام؛ لتوقف الأدلة على معرفة الصانع وصدق المبلغ؛ إذ هو(٢) كلام في خطاب الله تعالى وخطاب رسوله ÷. ومن العربية فيما تمس الحاجة إليه من الحقيقة والمجاز ونحوهما؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة عربية. ومن الأحكام، والمراد علمها بالحد؛ ليمكن إثباتها أو نفيها بعد ذلك في أفراد المسائل، كما إذا قيل: الأمر للوجوب، فإنه يستحيل القول بذلك مع جهل ماهيته.
  وحكمه: الوجوب على الكفاية؛ لأن(٣) من نزلتْ به حادثة شرعية لا يخلو: إما أن يكون عالما أو عاميًّا، إن كان عالما فلن يمكنه معرفة الحكم إلا بدلالة شرعية مفصلة، وهي(٤) فرع على العلم بها(٥) على الجملة، وإن كان عاميا ففرضه سؤال العالم، والعالم لا بد له مما ذكرنا(٦).
  (وينحصر) العلم، أو المختصر، أو المقصود منه، أو المبحوث عنه؛ فلا يضر خروج الخطبة من الأبواب، (في عشرة أبواب) والظرفيةُ على تقدير عود الضمير إلى ما عدا المختصر ظاهرةٌ، وعلى تقدير عوده إليه يكون من انحصار الكل في الأجزاء، مثل انحصار البيت في الجدران الأربعة والسقف.
(١) وهو الأخذ.
(٢) أي: أصول الفقه.
(٣) الدليل لا يطابق الدعوى عند التأمل.
(٤) أي: الدلالة الشرعية المفصلة.
(٥) أي: بالكلام والعربية والأحكام.
(٦) أي: من دلالة شرعية.
(*) وإنما احتيج إلى بيان هذه المبادئ: أما الحد فلما ذكرنا، وأما الغاية فليخرج عن العبث، ويزداد جد طالبه فيه إذا كانت مهمة؛ ولئلا يصرف فيه وقته إن لم يوافق الغرض، وأما الموضوع فلأن تمايز العلوم في ذواتها بحسب تمايز الموضوعات، حتى لو لم يكن لهذا العلم موضوع ولذلك موضوع مغاير له لم يكونا عِلْمَيْن، ولم يصح تعريفهما بوجهين مختلفين، فلو أقدم على الشروع قبل معرفة الموضوع لم يكن له من البصيرة ما له بعد معرفة المميز الذاتي، وأما مُستمَدُّة فليرجع الناظر إليه عند طلب التحقيق، وأما حكمه فليعرف مرتبته بين [من. نخ] العلوم؛ ليقدمه على ما ينبغي تقديمه عليه، ويؤخره عما ينبغي تأخيره عنه؛ مثلا إذا عرف أن حكم هذا العلم الوجوب على الكفاية كان حقه التقديم على ما ليس بواجب، والتأخير عن الواجب على الأعيان، وإنما وجب على الكفاية؛ لأنه لا يجب على الناس كافة استنباط الأحكام بالدليل، والله أعلم.