[المجاز]
  بخلاف ما ذكرنا؛ فإن العين هي المقصود في كون الرجل رقيباً.
  وإنما خص المثالين بالذكر لاشتهارهما.
  وعكسه(١) تسمية الجزء باسم الكل، نحو: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ}[البقرة: ١٩]، أي: أناملهم(٢)، والغرض منه المبالغة، كأنه جعل جميع الإصبع في الأذن لئلا يسمع شيئاً من الصاعقة.
  وإطلاق اسم الملزوم على اللازم، كقوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ٣٥}[الروم]، سميت الدلالة كلاماً؛ لأنها من لوازمه، ومنه قول الحكماء: كُلُّ صامتٍ ناطقٌ، أي: دال بما فيه من أثر الصنعة على صانعه.
  وعكسه أن يطلق اسم اللازم على الملزوم، كقول الشاعر:
  قوم إذا حاربوا شَدّوا مآزرَهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار(٣)
  يريد بشد المئزر الاعتزال عن النساء؛ لأن شد المئزر من لوازم الاعتزال(٤).
  واعلم أن اللزوم أمر لازم في جميع أنواع المجاز استعارة أو مجازاً مرسلاً؛ فاعتبار ذكر الملزوم وإرادة اللازم لا يكفي في بيان العلاقة، بل لا بد من بيان أنها من أي نوع من أنواعها(٥)، ذكره الشلبي في حاشية المطول.
  وإطلاق اسم المطلق على المقيد، كقوله:
  ويا ليت كل اثنين بينهما هوى ... من الناس قبل اليوم يجتمعان
  أي: قبل يوم القيامة.
(١) أي: عكس تسمية الشيء باسم جزئه.
(٢) أي: التي هي جزء من الأصابع، والقرينة استحالة دخول الأصابع بتمامها في الأذن عادة.
(٣) البيت: للأخطل، وقيل: للحطيئة.
(٤) لا ملازمة عقلية؛ إذ قد يوجد الاعتزال بدون شد المئزر، ولعل المراد في العرف والعادة.
(٥) فهي في الآية من إطلاق السبب على المسبب، وفي البيت من إطلاق المسبب على السبب.