شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[المجاز]

صفحة 52 - الجزء 2

  وعكسه، أعني إطلاق اسم المقيد على المطلق، كقول شريح: أصبحتُ ونصف الناس عليَّ غضبان، يريد أن المحكوم عليه غضبان لا نصف الناس على التعديد والتسوية⁣(⁣١).

  والمجاورة بأن يسمى الشيء باسم ما له به تعلق المجاورة، كالراوية للمزادة وهي في اللغة لحاملها⁣(⁣٢).

  والمحلية، أي: كون الحقيقي محلاً للمجازي⁣(⁣٣)، نحو: أصابته عين⁣(⁣٤).

  وعكسها، وهي: الحالِّية، كقول الشاعر:

  كلامُكِ فيه وحده لي كفاية ... كأن صخوراً منه تُقذف في سمعي⁣(⁣٥)

  أي: في الأذن التي هي محل السمع.

  والمظروفية، أي: كون الحقيقي ظرفاً للمجازي، كقوله ÷: «لا يفضض الله فاك»⁣(⁣٦) أي: أسنانك؛ إذ الفم محل الأسنان.

  وعكسها، وهي الظرفية⁣(⁣٧)، كقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ}⁣[آل عمران: ١٠٧]، أي: في الجنة التي هي محل الرحمة. وفي التعبير عنها بالرحمة


(١) فأطلق لفظ النصف على ما لا يتحقق فيه النصفية وهو مطلق المحكوم عليهم. سيلان.

(٢) والعلاقة كون البعير حاملاً لها أو بمنزلة العلة المادية، والمراد بالمزادة ظرف الماء الذي يستقى به على الدابة كما نقله الشريف عن أرباب البلاغة، لا المزود الذي يجعل فيه الطعام المتخذ للسفر كما ذكره سعد الدين؛ لأن حامله لا يسمى راوية. ومثَّله في الهداية بالغائط لقضاء الحاجة، وفيه: أنه قد تقدم أنه من الحقائق العرفية، والجمع بين ما ذكرنا هنا وما ذكره في الهداية أن ما ذكره باعتبار الابتداء، وما ذكرنا باعتبار الانتهاء والغلبة، فتأمل والله أعلم.

(٣) أي: الذي هو الداء القائم بالعائن.

(٤) أي: داء في العين.

(٥) البيت لبهاء الدين زهير.

(٦) وقوله تعالى: {فليدع ناديه} أي: أهل ناديه.

(٧) والمراد بالظرف ما يختص بالأجسام، وبالمحل ما يختص بالأعراض والصفات.