شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[المجاز]

صفحة 53 - الجزء 2

  تنبيه على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله، كما روي عن النبي ÷: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته».

  [والضدية، أي: كون أحد المعنيين ضد الآخر، نحو قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢١}⁣[آل عمران]، استعيرت البشارة⁣(⁣١) للإنذار]⁣(⁣٢).

  والعموم، أي: كون اسم العام مستعملاً في الخاص، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ}⁣(⁣٣) [النساء: ٥٤]، والمراد رسول الله؛ لجمعه ما في الناس من حميد الخصال.

  وعكسها، وهي الخصوص⁣(⁣٤) كقوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ١٤}⁣[التكوير]، أي: كل نفس.

  والكون عليه: أي: كون الحقيقي كان عليه المجازي، كقوله تعالى: {وآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}⁣[النساء: ٢]، أي: الذين كانوا يتامى قبل ذلك؛ إذ لا يُتْمَ بعد بلوغ؛


(١) هذا مما علاقته المشابهة، نزل التضاد منزلة التناسب بواسطة التهكم، ولم يعده أهل البيان من المجاز المرسل، لكن لا تزاحم بين المقتضيات، ولكل وجه.

(٢) (نخ).

(٣) وقد مثل بقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ}⁣[آل عمران: ١٧٣]، قالوا: المراد بالأول: نعيم أو سراقة، وبالثاني: أبو سفيان، قال الفارسي: بدليل {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}⁣[آل عمران: ١٧٥]، فوقعت الإشارة بقوله (ذلكم) إلى واحد، ولو كان المراد به جمعاً لقال: إنما أولئكم الشياطين، فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ. قلت: بل الدليل ما ذكر في السير، وأما الشيطان فيمكن أنه للجنس لاحتمال عود الضمير من قوله: {فلا تخافوهم} إليه، وقد يشار بما للواحد إلى الجمع كقول لبيد:

وسؤال هذا الناس كيف لبيد

وممن مثل بالآية مؤلف الهداية في الحقيقة والمجاز، إلا أنه ذكر في باب العموم والخصوص أنه مثال للمعهود؛ فيكون المراد مجرد المثال هنا أو هنالك، وقوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}⁣[البقرة: ١٩٩]، المراد إبراهيم #، وفي قراءة سعيد بن جبير بكسر السين، قال في المحتسب: يعني آدم #؛ لقوله تعالى: {فنسي}.

(٤) ومثله بعض المحققين بقوله تعالى: {وحسن أولئك رفيقاً} أي: رفقاء، ولا أراه؛ لاحتمال كون فعيل مما يستوي فيه المفرد والجمع وعدم كون مفسره عاماً على الصحيح. منه