[المختار في صيغة الأمر والأدلة على ذلك]
  واشترط بعض أصحابنا(١) مع الاستعلاء التحتُّم بناء على أن الأمر حقيقة في الوجوب، والأولى إسقاطه؛ لأن الذي سيأتي أنه حقيقة في الوجوب إنما هو مسمى الأمر الذي هو صيغة نحو: افعل، وكلامنا الآن في لفظ الأمر لا في مسماه، فهما مسألتان مختلفتان.
[المختار في صيغة الأمر والأدلة على ذلك]
  والمختار (أنه) أي: الأمر - أي: صيغته التي هي نحو: افعل - ترد (للوجوب) فقط حقيقة، ولو بعد استئذان، كافعل لمن قال: آفعل كذا؟ أو بعد حظر شرعي(٢)، كالأمر بقتل المشركات بعد تحريمه.
  والاستدلال على كونه للوجوب بعد الحظر بنحو: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، أو للإباحة بنحو: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢]، واقع في غير المتنازع من الجانبين؛ إذ لم يرد الأمر على محرم فهو كالأمر ابتداء، فتأمل.
  وأنه موضوع له (لغة وشرعاً) أي: في اللغة والشرع، وقال أبو طالب(٣) # وأبو القاسم البلخي وأبو عبدالله البصري(٤) والجويني: شرعاً فقط.
  لنا: المعقول والمنقول، أما المعقول - ونعني به الاستفادة من موارد اللغة(٥)
(١) وهو صاحب الفصول.
(٢) قال في الفصول: ويقتضي الأمر الوجوب بعد الحظر العقلي اتفاقاً، ومثل له في الحاشية بقوله تعالى: {اقتلوا المشركين} فإن القتل محظور عقلاً.
(٣) أبو طالب: الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين بن محمد بن هارون البطحاني من عظماء أئمة الزيدية وكبار علمائهم ومن أشهر مؤلفاته في أصول الفقه كتاب المجزي توفي ٤٢٤ هـ.
(٤) أبو عبدالله البصري: هو أبو عبدالله الحسين ابن علي بن إبراهيم الحنفي البصري فقيه أصولي ولد بالبصرة وسكن بغداد توفي ٣٦٩ هـ. أعلام النبلاء ج/٢ ص ٢٤٥.
(٥) أي: الاستقراء والتتبع لموارد استعمال أهل اللغة.