شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الأمر]

صفحة 71 - الجزء 2

  وأمَّا الإكرام فكقوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ٤٦}⁣[الحجر]، فإن قرينة: {بسلام آمنين} تدلُّ عليه؛ لأن دخول الجنة مع السلامة من جميع آفات الآخرة والأمان منها غايةٌ في الإكرام. والعلاقة فيه كما في الإباحة.

  وأمَّا التسخير فكقوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ٦٥}⁣[البقرة]، والمراد به الذلة والامتهان.

  وأمَّا التكوين فكقوله تعالى: {كُنْ فَيَكُونُ ١١٧}⁣[البقرة]، وسماه بعض بكمال القدرة. وفصله عن التسخير بأنه⁣(⁣١) سرعة الوجود عن العدم، وليس فيه انتقال من حالة إلى أخرى، بخلاف التسخير فإن فيه الانتقال إلى حالة الذلة والامتهان. والعلاقة فيهما إما مجرد الطلب، وإما مشابهتهما للواجب في التحتم.

  وأمَّا التعجيز فكقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ}⁣[البقرة: ٢٣]، وعلاقته المضادة؛ لأنه إنما يكون في الممتنعات⁣(⁣٢)، والواجب في الممكنات.

  وأما الإهانة فكقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩}⁣[الدخان]، ومنهم من يسميه التهكم، وضابطه: أن يؤتى بلفظ ظاهره الخير والكرامة والمراد ضده. وعلاقته: المضادة⁣(⁣٣) أيضاً.

  وأما الاحتقار فكقوله تعالى حاكياً: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ٨٠}⁣[يونس]، فإنه مستعمل في مِعْرَض⁣(⁣٤) احتقار سحر السحرة في مقابلة المعجزة. وعلاقته: مجرد الطلب. وفصله عن الإهانة بأنها إنما تكون بالقول أوالفعل أو بتركهما، كترك إجابته. والقيام له ممن يعتاد القيام، دون مجرد الاعتقاد، والاحتقار


(١) أي: التكوين.

(٢) والقرينة أنه ليس المراد اتيانهم بسورة من مثله لكونه محالاً.

(٣) لأن الإيجاب على العباد تشريف لهم؛ لما فيه من رفع درجاتهم، قال رسول الله ÷: «ما تقرب المتقربون إليَّ بمثل أداء ما افترضت عليهم».

(٤) بكسر الميم وفتح الراء، هكذا ذكره الزركشي.