[الأمر]
  إما مختص بمجرد الاعتقاد أو لا بد فيه منه(١)؛ بدليل أن من اعتقد في شيء أنه لا يعبأ به ولا يلتفت إليه يقال إنه احتقره، ولا يقال أهانه، ما لم يصدر منه قولٌ أو فعلٌ ينبئُ عن ذلك.
  وَأَمَّا التسوية بين الأمرين فكقوله تعالى: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ}[الطور: ١٦]، فإنه أراد به التسوية في عدم النفع بين الصبر وعدمه. والعلاقة: المضادة؛ لأن التسوية بين الفعل والترك مضادة لوجوب الفعل. وفصلها عن الإباحة بأن المخاطب في الإباحة كأنه توهم كون الفعل محظوراً عليه، فأُذِنَ له فيه مع عدم الحرج في تركه، وفي التسوية كأنه توهم أن أحد الطرفين من الفعل أو الترك أرجح له، فرُفع هذا الوهم بالتسوية بينهما.
  وأما التمني فكقول امرؤ القيس:
  ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل
  وإنما حمل على التمني دون الترجي لأنه أبلغ(٢)؛ وذلك أنه نزَّل ليله لِطوله عليه منزلة المستحيل انجلاؤه، كما قال الآخر:
  وليل المحب بلا آخر(٣)
  وأما الخبر فكقوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا(٤) قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}[التوبة: ٨٢]، وعلاقته كما في الدعاء، ذكر معناه في الهداية.
  وأما الدعاء فكقوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ١٤٧}[آل عمران]، وعلاقته: مجرد الطلب.
(١) فبينهما عموم من وجه.
(*) أي: الاعتقاد.
(٢) وعلاقته مجرد الطلب كالدعاء.
(٣) صدره: رقدت ولم ترث لساهرٍ. وقيل: ليال الوصال لها آخر.
(٤) أي: هم يضحكون في الدنيا قليلاً ويبكون في الآخرة كثيراً.