شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الأمر]

صفحة 81 - الجزء 2

  اشتر من هذا اللحم وهو⁣(⁣١) حاضر - في أن العبد يستحق الذم على الإخلال بالمشي إلى السوق لشراء اللحم كما يستحقه على الإخلال بالشراء لو كان اللحم حاضراً، ولو توقف العبد وقال: إني لم أَفهمْ من قوله: اشتر اللحم

  وجوب المشي - لم يكن ذلك مسقطاً للذم عنه، وعلى هذا وردت مسائل الشرع؛ فإن المأمور بالوضوء مأمور بما لا يتم إلا به من المشي في طلب الماء وتناوله، وكذلك المأمور بستر الركبة مأمور بستر علو الساق؛ لأن سترها لا يتم بدونه.

  وإنما يجب تحصيل ما لا يتم المأمور به إلا به (حيث كان مقدوراً للمأمور) بنفسه كما مثلنا، لا إذا لم يدخل تحت قدرة المكلف به، كتحصيل القدم للقيام، والقدرة، وكالوقت من الأسباب، والتكليف من الشروط - فإنه لا يجب تحصيل ذلك⁣(⁣٢) وإن لم يتم إلا به.

  والقدرة: صفةٌ تؤثر في وجود الممكن وعدمه.

  وكان عالماً بأنه لا يتم إلا به، أما في الأمور العقلية والعادية فظاهرٌ؛ لأن معرفتها لا تتوقف على تعريف من جهة الشرع؛ فكان وجوبها⁣(⁣٣) مستفاداً من وجوب ما يتوقف عليها⁣(⁣٤) بالتبعية. وأما الشرعية فإنما يعرف كونها شرعيةً يتم المأمور به بها بدليل منفصل متقدم فحسب.

  لكن لا وجه لذكر⁣(⁣٥): وجب تحصيل المأمور به؛ لتقدمه.

  وفعل المكلف المأمور به يفيد الإجزاء⁣(⁣٦)؛ إذ هو⁣(⁣٧) وقوع الفعل على وجه


(١) أي: اللحم.

(٢) أي: تحصيل القدم والقدرة والوقت والتكليف، وإن لم يتم الواجب إلا بها.

(٣) كحز الرقبة.

(٤) كالقتل.

(٥) أي: لا وجه لذكر قوله في المتن: «وجب تحصيل المأمور به».

(٦) وقيل: لا يفيده؛ إذ الإجزاء وقوع الفعل على وجه يسقط القضاء، وقيل: بل هو مجموعهما - والخلاف لفظي، وقيل: معنوي، وتظهر فائدته فيمن صلى بظن الطهارة ثم انكشف له الحدث؛ =