شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ألفاظ العموم]

صفحة 96 - الجزء 2

  في النفي إنما هو النكرة التي تفيد الوحدة في الإثبات، وأما التي تُفيد العموم في الإثبات كالمصدرة بلفظة «كل» فعند وُرودِها في سياق النفي لا تُفيد في الأغلب إلا نفيَ العموم لا عموم النفي؛ لأن رفع الإيجاب الكلي سلب جزئي.

  وقلنا: «في الأغلب» للاحتراز عن نحو: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}⁣[الحديد]، {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠}⁣[القلم].

  مثال ذلك: ما من إله إلا الله، ولا إله إلا الله، و {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]، و {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}⁣[فاطر: ٣]، {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ٢٤}⁣[الإنسان].

  وأما النكرة المثبتة فلا تفيد العموم، أما المفرد فظاهر، وأما الجمع فلأنه كالمفرد في الوحدان، ولا شك أن رجالاً صالح لكل جماعة على سبيل البدل كما أن رجلاً صالح لكل واحد على سبيل البدل، ورجل ليس للعموم فيما يتناوله من الوحدان؛ فيجب أن لا يكون رجال للعموم فيما يتناوله من الجماعات، ولصحة تفسير: عندي له عبيد، بثلاثة؛ لأنها أقل الجمع في الأصح، ولو كان ظاهراً في العموم لَمَا صحّ تفسيره بأقل الجمع؛ لأنه بعض المقَرِّ به ظاهراً لا كله.

  لا يقال: العدول عن الظاهر لقيام القرينة العقلية وهي: استحالة أن يكون له عند المتكلم جميع عبيد الدنيا؛ لأنا نقول: معنى العموم جميع عبيده فالمراد بالعموم هنا عند القائل به العموم العرفي، ولا قرينة تنفي ذلك⁣(⁣١)، كما في: جمع الأمير الصاغة⁣(⁣٢)، والله أعلم.

  (والجمع المضاف) إلى معرفة، سواء كان له مفرد من جنسه نحو: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}⁣[النساء: ١١]، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ(⁣٣) صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ}⁣[التوبة: ١٠٣]، أو لا كقوله تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ}⁣[الأحقاف: ٣١].


(١) أي: تنفي عمومه في جميع عبيده؛ إذ لا استحالة فيه.

(٢) أي: صاغة بلدة.

(٣) فيعم؛ فيقتضي أخذ الصدقة من كل نوع من أنواع مال كل مالك.