[متى يجوز للمجتهد العمل بالعام]
  لاستلزامه نفي جميع متعلقاته (فيصح تخصيصه) باللفظ اتفاقاً، وبالنية في الأصح، فإذا قال: أردت أكلَ العنب(١) مثلاً قُبِلَ منه.
  وقال المؤيد بالله وأكثر الحنفية: إنه غير عام في مفعولاته فلا يقبل تخصيصاً، فلو خصصها بمأكول لم يقبل منه(٢)؛ لأن التخصيص من توابع العموم(٣).
[متى يجوز للمجتهد العمل بالعام]
  (و) اختلف في الوقت الذي يجوز للمجتهد العمل بحكم العموم فيه؛ فمختار أئمتنا $ والجمهور (أنه يحرم) عليه (العمل بالعام قبل البحث عن مخصصه) المنفصل(٤)، وظاهرُه من غير فرق بين أن يضيق الوقت عن البحث أو لا، وبين أن يكون وجود العام في عصره ÷ أو بعد وفاته لتوقف ظن عدم المخَصِّص عليه(٥) لكثرته(٦) حتى قيل لا عام إلا مخصَّص إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣٥}[النور]، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: ٦].
  ونَظَّر هذا القولَ(٧) إمامُنا أمير المؤمنين المتوكل على الله إسماعيل بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد $ بأن المخصوص في غاية القلة وسَردَ عليه آيات كثيرة.
  وقال الصيرفي والبيضاوي وإليه ميل الرازي: إنه يجوز العمل بالعام إلى أن
(١) في نسخة: فإذا قال: أردت إلا أكل العنب ... إلخ.
(٢): والمراد أنه يحكم عليه بالحنث إذا تعلق به حق لمخلوق كطلاق أو عتاق لأن نحو اليمين وقعت على جنس الفعل المتحقق في كل فرد منه. اهـ
(٣) أي: وهذا إنما سيق لنفي حقيقة الفعل من حيث هي، وهي شيء واحد ليس بعام، والتخصيص فرع العموم.
(٤) وأما المتصل فلا يتصور إسماعهم من دونه. حاشية فصول
(٥) أي: البحث.
(٦) أي: المخصص.
(٧) أي: لا عام إلا مخصص.