شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[متى يجوز للمجتهد العمل بالعام]

صفحة 102 - الجزء 2

  لاستلزامه نفي جميع متعلقاته (فيصح تخصيصه) باللفظ اتفاقاً، وبالنية في الأصح، فإذا قال: أردت أكلَ العنب⁣(⁣١) مثلاً قُبِلَ منه.

  وقال المؤيد بالله وأكثر الحنفية: إنه غير عام في مفعولاته فلا يقبل تخصيصاً، فلو خصصها بمأكول لم يقبل منه⁣(⁣٢)؛ لأن التخصيص من توابع العموم⁣(⁣٣).

[متى يجوز للمجتهد العمل بالعام]

  (و) اختلف في الوقت الذي يجوز للمجتهد العمل بحكم العموم فيه؛ فمختار أئمتنا $ والجمهور (أنه يحرم) عليه (العمل بالعام قبل البحث عن مخصصه) المنفصل⁣(⁣٤)، وظاهرُه من غير فرق بين أن يضيق الوقت عن البحث أو لا، وبين أن يكون وجود العام في عصره ÷ أو بعد وفاته لتوقف ظن عدم المخَصِّص عليه⁣(⁣٥) لكثرته⁣(⁣٦) حتى قيل لا عام إلا مخصَّص إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣٥}⁣[النور]، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}⁣[هود: ٦].

  ونَظَّر هذا القولَ⁣(⁣٧) إمامُنا أمير المؤمنين المتوكل على الله إسماعيل بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد $ بأن المخصوص في غاية القلة وسَردَ عليه آيات كثيرة.

  وقال الصيرفي والبيضاوي وإليه ميل الرازي: إنه يجوز العمل بالعام إلى أن


(١) في نسخة: فإذا قال: أردت إلا أكل العنب ... إلخ.

(٢): والمراد أنه يحكم عليه بالحنث إذا تعلق به حق لمخلوق كطلاق أو عتاق لأن نحو اليمين وقعت على جنس الفعل المتحقق في كل فرد منه. اهـ

(٣) أي: وهذا إنما سيق لنفي حقيقة الفعل من حيث هي، وهي شيء واحد ليس بعام، والتخصيص فرع العموم.

(٤) وأما المتصل فلا يتصور إسماعهم من دونه. حاشية فصول

(٥) أي: البحث.

(٦) أي: المخصص.

(٧) أي: لا عام إلا مخصص.