[حكم عود الضمير إلى بعض أفراد العام]
  وبين العام وتعقيبه بما لا يصلح إلا لبعضه، والموجب للتخصيص هو التَّنافي أو ما يجري مجراه؛ لأنهما إذا تعارضا تعذر العمل بهما من كل وجه، فيصار إلى التخصيص والعمل بهما من وجه.
  ومثال التَّنافي: اقتلوا المشركين، لا تقتلوا أهل الذمة، ومثال ما يجري مجراه: اقتلوا المشركين، أكرموا أهل الذمة.
  وإذا لم يتعارضا وجب العمل بهما من كل وجه من غير تخصيص؛ عملاً بالمقتضي السالم من المعارض كما نحن فيه؛ فإنه لا تنافي ولا ما يجري مجراه.
  نعم، وأما التمثيل لذلك بنحو قوله عز قائلاً: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ..} الآية [الطلاق: ١]، مع: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ١}[الطلاق]، وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}[البقرة: ٢٢٨]، مع قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ}[البقرة: ٢٢٨]، فلا يصلح؛ لعدم ذكر الحكم ثانياً، ولِأنّه رويَ عن سنن أبي داود وجامع البيان والسيد محمد بن إبراهيم الوزير أن الطلاق كان(١) في صدر الإسلام رجعياً والله أعلم.
  [وأيضاً فإن لفظ المطلقات(٢) وضمير(٣) جمع المؤنث لفظان عامان نظراً إلى ظاهرهما، ومقتضى الأول(٤) إجراؤه على ظاهره من العموم، ومقتضى الثاني(٥) عوده إلى كل ما تقدم، ولا أولوية للعود إلى بعض دون بعض، وقد قام دليلٌ على مخالفة أحدهما لظاهره وخروجه عن حقيقته وهو الضمير لتخصيصه ببعض المذكور سابقاً؛ فلا(٦) يلزم من تخصيص أحدهما تخصيص الآخر؛ إذ لا يلزم من
(١) كله (نخ).
(٢) أي: {والمطلقات يتربصن}.
(٣) {أحق بردهن}.
(٤) أي: لفظ المطلقات.
(٥) أي: عود الضمير.
(٦) عبارة شرح الغاية: وإذا كان كذلك فلا يلزم ... إلخ.