شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[تقسيم الواجب بالنظر إلى وقته]

صفحة 41 - الجزء 1

  واعلم أن الجمع بين أشياء الواجب المخير قد يكون مندوباً كالكفارات، ومحظوراً كتزويج الكفوين معاً. وإذا فعلت جميعا دفعة⁣(⁣١) أثيب على أشقها⁣(⁣٢)، ومترتبةً فالواجب هو الأول، وثوابه ثواب واجب، وثواب ما بعده ثواب مندوب، نظير ما قيل: إنه إذا نسخ الوجوب بقي الجواز. وفيه أن فعل ما لم يشرع مع اعتقاد شرعيته بدعة. وإن تركت معا استحق العقاب على أخفها⁣(⁣٣)، والله أعلم. وكان الأنسب تقديم هذا القسم على ما قبله؛ لأنه بالذات، وما قبله وما بعده بالمتعلق، والله أعلم.

[تقسيم الواجب بالنظر إلى وقته]

  (و) بالنظر إلى وقته (إلى: مطلق) لم يذكر له وقت، كمعرفة الله في العقلي، والزكاة في الشرعي. (ومؤقت) وهو بخلافه، كالصلوات الخمس، وكالحج، فإن وقته العمر.

  (والمؤقت) أي: ما ضرب له وقت من الواجبات مضيقها وموسعها، ويختص الشرعية، لا العقلية الواجبة بقضية العقل فلا يدخلها التأقيت، علمية كانت أو عملية، وإن كان فيها ما يجري مجرى المضيَّق، كالمعارف الإلهية، ورد الوديعة والدين عند المطالبة، وفيها ما يجري مجرى الموسع، كردهما إذا وَكَلَ صاحبهما الرد إلى اختيار من توجه ذلك عليه.

  فالمؤقت الشرعي ينقسم (إلى: مضيق) وقته، وهو ما كان بمقدار العمل، كالصيام فإن وقته من الفجر إلى الغروب. (وموسع) وهو ما يتسع لأكثر منه، كالصلاة⁣(⁣٤).


(١) قال الشيخ لطف الله ¦: هذا في الكفارات خاصة، وذلك يمكن حيث وكل بها أو اثنين منها، وتولى واحداً.

(٢) ثواب واجب مخير، وعلى غيره ثواب مندوب.

(٣) لأنه لو فعل الأيسر لأسقط عنه الذم على الواجب، فاستيفاء العقاب على الأيسر يقوم مقام فعله، ولقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥]، ولأنه تعالى أسمح الغرماء.

(٤) اعلم أن وقت الحج مشكل في الزيادة والمساواة، وبيانه من وجهين: أحدهما: بالنسبة إلى سَنَةِ الحج، =