شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[تقسيم الواجب بالنظر إلى وقته]

صفحة 42 - الجزء 1

  والجمهور: أن فعله واجب في جميع الوقت، موسع في أوله، مضيق في آخره؛ لأن الأمر مقيد بجميعه؛ إذ الكلام فيما هو كذلك، وليس المراد تطبيقَ أجزاء الفعل على أجزاء الوقت - بأن يكون الجزء الأول من الظهر - مثلا - منطبقا على الجزء الأول من الوقت، والجزء الآخر على الآخر، ولا تكرارَه في أجزائه؛ بأن يأتي بالظهر في كل جزء يسعه من أجزاء الوقت - فإن ذلك⁣(⁣١) باطل إجماعا.

  ولا يجب العزم في أوله لفعله بخصوصه كما قيل؛ إذ ليس في الأمر تعرض له، ولا لتخصيصه⁣(⁣٢) بأول الوقت أو آخره، ولا بجزء من أجزائه المعينة؛ ضرورة دلالته على وجوب الفعل بعينه فقط، وعلى تساوي نسبته إلى أجزاء الوقت، فثبت أن جميع وقته الموسع وقت أداء له. وأول الوقت لتأدية الواجب الموسع: ما يسعه مع شرطه، والله أعلم. أما العزم على أداء الواجبات جملة فذلك من أحكام الإيمان.

  وتحرم الأجرة على الواجب بأقسامه، خلافا للقاسم وبعض الشراح في الكفاية إن لم يتعين، والله أعلم.


= وذلك أن وقته يشبه الموسع من جهة أن أركان الحج لا تستغرق جميع أجزاء وقت الحج، كوقت الصلاة، ويشبه المضيق من جهة أنه لا يصح في عام واحد إلا حج واحد كالنهار للصوم.

وثانيهما: بالنسبة إلى سني العمر، وذلك أن وقته العمر، وهو فاضل على الواجب حتى لو أتي به في العام الثاني كان أداء بالاتفاق؛ لوقوعه في الوقت، إلا أنه عند أبي يوسف يجب مضيقا لا يجوز تأخيره عن العام الأول، وهولا يسع إلا حجا واحدا، فأشبه المضيق من جهة أنه لا يسع واجبين من جنس واحد. وعند محمد يجوز تأخيره عن العام الأول بشرط أن لا يفوته [أي: لا يُجوز فوته]، فإن عاش أدى، فكانت أشهر الحج من كل عام صالحة للأداء كأجزاء الوقت في الصلاة، وإن مات تعينت الأشهر من العام الأول كالنهار للصوم، فثبت الإشكال، ذكره في التلويح. منه.

(١) أي: التطبيق والتكرار.

(٢) أي: الوجوب.