شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[المبين]

صفحة 154 - الجزء 2

  وقال الكرخي وأبو عبدالله البصري وروي عن أبي حنيفة: إنه مجمل؛ لتعذر حمله على ظاهره في⁣(⁣١) إرادة كل أمر يتعلق بها، ولزوم التحكم لو حمل على بعض معين منها، وامتناع التبيين بالعرف.

  قلنا: التبيين كالتخصيص وقد أجزتموه به.

  (و) أنه (لا) إجمال (في العام(⁣٢) المخصوص) بمبين مطلقاً؛ سواء كان متصلاً أو منفصلاً، فيصح الاستدلال به على ما بقي، لا بمجمل فيصير مجملاً كما سبق، فلا يبقى حجة في الباقي حتى يبين؛ لأن كل فرد يجوز فيه أن يكون مخرجاً وألا يكون.

  وما نقله ابن الساعاتي⁣(⁣٣) عن بعض الحنفية وأبو الحسين⁣(⁣٤) القطان عن بعض الشافعية من العمل به في الباقي في غاية البعد؛ لأن إخراج المجهول من المعلوم يصيره مجهولاً.

  (و) مختار أئمتنا $ والجمهور أيضاً: أنه (لا) إجمال (في) الفعل المنفي والمراد نفي صفته (نحو) قوله ÷: (لا صلاة إلا بطهور)، «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، «لا نكاح إلا بولي»، «لا صيام لمن لا يعزم الصيام من الليل».

  ونحو ما أخرجه المؤيد بالله أحمد بن الحسين من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي #: «لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة»، وقد روي موقوفاً عن الحسن البصري بلفظ: «لا يصلح قول إلا بعمل، ولا يصلح قول وعمل إلا بنية، ولا يصلح قول وعمل ونية إلا بمتابعة السنة»، وروي موقوفاً عن سعيد بن جبير.


(١) «من» نخ.

(٢) وفي الشرح الصغير: ولا في نحو العام ... الخ، وفسره بالمطلق المقيد، وفيه أن المراد بالمطلق هو المقيد، فلا معنى للحكم بكونه مجملا، فتأمل. منه.

(٣) هو أحمد بن علي بن ثعلب الحنفي المعروف بابن الساعاتي، أبو العباس، فقيه أصولي أديب ولد في بعلبك وتوفي سنة ٦٩٤ هـ، من آثاره بديع النظام الجامع بين كتابي البرذون والأحكام.

(٤) تقدمت ترجمته.