[المبين]
  ثم اختلفوا؛ فاختار الإمام المهدي # حمله على نفي أقرب المجازات إلى الحقيقة وهو الصحة، وصاحب الفصول حمله على نفي جميع صفاته من الإجزاء والكمال والفضيلة، فيكون من المسمى بعموم المقتضي؛ لوجوب حمل اللفظ على كل ما يحتمله إلا لتناف(١).
  (و) لا إجمال فيما قصر فيه الفعل على أمر والمعلوم أنه يوجد من دونه، نحو قوله ÷: (الأعمال بالنيات) رواه الحاكم في الأربعين له من طريق مالك، وأخرجه ابن حبان من وجه آخر في مواضع من صحيحه كما ذكر المصنف بحذف: «إنما» وجمع: «النيات»، ورواه البخاري أيضاً بحذف: «إنما» وإفراد النية. وأما مع ذكر: «إنما» فلم يبق من أصحاب الكتب المعتمدة من لم يخرجه سوى مالك، فإنه لم يخرجه في الموطأ، ومداره على يحيى بن سعيد الأنصاري. فيتمسك به عند أئمتنا $؛ لما تقدم بعينه في نحو: «لا صلاة ...» إلخ، فيتعلق به من حيث إن الرسول ÷ معرف لنا بالأعمال الشرعية، فإذا قال: الأعمال بالنيات، أو: لا عمل إلا بنية فمراده لا عمل شرعي إلا بنية، وما لم يكن كذلك فليس بعمل شرعي، ولا وجود له من حيث كونه عملاً شرعيًّا، وإن كان له وجود من حيث إنه عمل واسم العمل لغوي.
  ولذا قلنا: إنه لا إجمال فيما له مسميان: لغوي وشرعي، مثل(٢) نهيه ÷ عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر، متفق عليه، فإن حمل على الشرعي جاز الإمساك بغير نية، وإن حمل على اللغوي لم يجز؛ لأن بعثه ÷ لتعريف الأحكام الشرعية قرينة المراد.
(١) ولذا حكم أصحابنا بأنه لا إجمال فيما يطلق على معنى واحد تارة وعلى اثنين أخرى إطلاقاً على السواء لقولهم بعموم المشترك فيكون ظاهراً في الجميع فإن ما يفيد معنيين أكثر فائدة مما يفيد معنى واحداً فكان الأفيد أظهر. اهـ
(٢) وأما التمثيل بقوله ÷: «إني إذًا لصائم» فليس بظاهر في ذلك؛ لأن تقدم السؤال عن الطعام قرينة تدل على أن مراده الشرعي، والله أعلم.