شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[جواز وقوع النسخ في القرآن حكما وتلاوة]

صفحة 177 - الجزء 2

  رواه مسلم، فإنه لم يبق لهذا اللفظ حكم القرآن لا في الاستدلال ولا في غيره.

  وأما قولها: «فتوفي # وهي فيما يتلى من القرآن» فمحمول على أن من لم يبلغه نسخ تلاوته يتلوه، وهو معذور؛ وإنما أول بذلك لإجماع الصحابة ومن بعدهم على تركها من المصحف.

  (وأحدهما دون الآخر) أي: إما التلاوة فلا يبقى اللفظ قرآناً، دون الحكم فيبقى، كما رواه مسلم: كان فيما أنزل الله تعالى: «وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين»، ثم نسخ تلاوته، قاله النووي في شرحه.

  وكما رواه الشافعي عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أو يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله ø، فلقد رجم رسول الله ÷، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله ø لأثبتها «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»! فإنا قد قرأناها.

  وروى البخاري والترمذي نحوه، ومسلم عن ابن عباس عن عمر قريباً من هذا، وروى النسائي عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف عن خالته قالت: لقد أقرأناها رسول الله ÷ آية الرجم: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا [من] لذتهما!».

  ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر ¥ وفي روايتهما أنها كانت في سورة الأحزاب، والمراد بالشيخ والشيخة: المحصنان، فالحكم باق واللفظ مرتفع.

  وإما الحكم دون التلاوة، بأن يبقى اللفظ قرآناً يتلى معجزاً ولا يبقى الحكم الدال هو عليه، فذلك كثير⁣(⁣١)، كالآيات المنسوخة بآية السيف، وهي قوله


(١) ومثل بآية الاعتداد بالحول وفيه: أنه ليس من باب النسخ؛ لأن آية الحول ظاهرة في أمر من مات بالوصية بذلك، وآية الأربعة الأشهر والعشر أمر للنسوة. قيل: وكذا في سائر ما يدعى فيه النسخ، والله أعلم.