شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الاختلاف في جواز تعبد النبي ÷ بالاجتهاد فيما لا نص فيه]

صفحة 200 - الجزء 2

  من جَمَع هذه العلوم أو أكثرها ولا يتمكن من الاستنباط؛ لعدم فقه نفسه، ولذا قال بعضهم لما قيل له: أتحب أن يكون لك نقل القاضي عبدالجبار - وكان القاضي في نقل العلوم وروايتها عن ظهر قلبه بلغ مبلغاً عظيماً لم يبلغه سواه - أو نظر أبي الحسين؟ وكان ممن يسبق النُّظَّار في ميدان الأفكار؛ ولذا تراه قد استبد بأقوال وآراء في العلوم وامتاز بها عمن قبله وبعده، فاختار نظر أبي الحسين؛ وذلك لأن صاحبه أيُّ حادثة نزلت به يمكنه أن يستخرج حكمها بالنظر، فيأتي بما يحفظه الحافظ وغيره.

  وقد علم من الحد وما بعده أنه لا يشترط علم الفروع؛ لأنه نتيجة الاجتهاد وثمرته، واجتهاد رجال مثله، ولا يجب عليه معرفة اجتهاد غيره؛ إذ لا يجوز له العمل به، فلا يحتاجه، إلا أنه معونة عليه.

  ولا العدالة إلا في الأخذ عنه، ولا الذكورة، ولا الحد والبرهان من المنطق؛ لإمكان إقامة البرهان بدونه، ولا معرفة أسباب النزول؛ إذ لا يُقصر العموم على سببه، خلافاً لزاعمي ذلك.

  والأولى اشتراط معرفة سبب النزول؛ إذ بها يعرف أنه قطعي الدخول فلا يخصصه.

[الاختلاف في جواز تعبد النبي ÷ بالاجتهاد فيما لا نص فيه]

  (و) اعلم أنه لا خلاف في أن النبي ÷ يجوز له الاجتهاد في الآراء الدنيوية والحروب، إلا ما يروى عن الجبائي وابنه، والأصح عنهما خلافه.

  واختلف في تعبده ÷ بالاجتهاد فيما لا نص فيه من الأحكام الشرعية على قولين: (المختارُ) عند المصنف منهما قولُ المنصور بالله وأبي طالب، وحكايته عن أبي عبدالله البصري في المجزي⁣(⁣١) والشيخ الحسن وغيرهم: (جواز تعبده ÷ بالاجتهاد)؛ إذ لا يمتنع تعلق المصلحة به (عقلاً)، فيكون حكمه حكمنا في


(١) كتاب لأبي طالب #.