شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الاختلاف في جواز الاجتهاد في عصر النبي ÷]

صفحة 203 - الجزء 2

  (و) اختار المصنف ما ذهب إليه القاضي عبدالجبار وأبو الحسين وارتضاه الإمام يحيى وعزاه إلى أكثر علماء الأصول من الوقف، و (أنه لا قطع بوقوع ذلك ولا انتفائه)؛ لتعارض الأدلة كما سبق.

[الاختلاف في جواز الاجتهاد في عصر النبي ÷]

  واختلف في جواز الاجتهاد من الصحابة في عصره ÷؛ فذهب الأقل إلى منعه مطلقاً: في الحاضر والغائب، مع الإذن وعدمه؛ للتمكن من العلم بالرجوع إلى الرسول ÷، والاجتهاد إنما يحصل به الظن، ولا يصار إليه إلا مع تعذر العلم.

  ورد بالمنع؛ فإن إخبار النبي ÷ غير مقدور لهم.

  فإن قيل: يجب عليه الإخبار إذا سألوه، ففرضهم السؤال، وهو مقدور لهم قطعاً.

  أجيب بأنه إذا كانت المصلحة في أن يعمل المكلفون في بعض الأحكام باجتهادهم ويسلكوا فيه طريق الظن - لم يجب أن يبين لهم الرسول ÷ تلك الأحكام من طريق النص، بل لم يجز؛ فلا تمكن من العلم.

  فإن قيل: تجويز ذلك يستلزم الاستغناء عنه ÷ في تلك الأحكام التي يُتوصل إليها بالاجتهاد.

  قلنا: ذلك ممنوع، كيف والاجتهاد فيها لا يتم إلا بإلحاقها بالمنصوصات؟ وإلا لزم أن تكون الصحابة بعده قد استغنت عنه في أحكام الحوادث التي اجتهدت فيها، وهو ظاهر الفساد.

  وذهب الجمهور إلى جوازه مطلقاً؛ لِما سبق من أنه لا مانع من تعلق المصلحة به عقلاً، ولأنه ÷ أمر عقبة بن عامر وعمرو بن العاص أن يجتهدا في بعض الأحكام بحضرته، وقال لهما: «إن أصبتما فلكما عشر حسنات، وإن أخطأتما فلكما حسنة واحدة»، وروي أيضاً أنه أمر غيرهما بذلك.

  ولخبر معاذ المتلقى بالقبول.