[وحدة الحق في القطعيات والظنيات]
  ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: [فقمت] فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك الثالثة، فقمت، فقال رسول الله ÷: «ما لك يا أبا قتادة؟» فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه(١).
  فقال أبو بكر: لاها الله(٢)، إذاً لا يعمد إلى أَسَد من أُسْد(٣) الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال ÷: «صدق، فأعطه إياه» فأعطاني، [قال]: فبعت الدرع فابتعت [بها] مخرفاً(٤) في بني سلمة، فإنه لأول مالٍ تأثلته في الإسلام.
  قلنا: أبو بكر إنما عمل بالنص، وهو قوله ÷: «من قتل قتيلاً فله سلبه»، لا بالاجتهاد، وهو ظاهر.
  وأيضاً قال الله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات ١]. وفاعل «لا يعمد» و «يعطيك» ضمير لرسول الله ÷.
[وحدة الحق في القطعيات والظنيات]
  (و) اعلم (أن الحق في القطعيات) عقليةً كانت - وهي ما دل عليها قاطع من جهة العقل بالضرورة، أو ما انتهى إليها - أو سمعيةً، كلامية أو أصولية (مع واحد، و) أن (المخالف مخطئ آثم) كافرٌ إن خالف ما عُلِم من الدين ضرورة معاندة؛ لأنه تكذيب لله تعالى ولرسوله، وإن لم يعاند وكان خطؤه مؤدياً إلى الجهل بالله تعالى وإنكار رسله في جميع ما بلغوه عن الله تعالى فهو آثم كافرٌ أيضاً؛
(١) يحتمل من أجل حقه، أي: أرضه مما عندك من أجل حقه. وفي السعد فأرضه مني، وقيل: من حقه مما عندك له. ولا يخفى ما فيه.
(٢) قوله: «لاها الله إذن» قال الخطابي: الصواب «لاها الله ذا - بغير ألف قبل الذال - ومعناه: لا والله، جعلت الهاء مكان الواو، أي: لا والله يكون ذا. سيلان.
(٣) والمراد بـ «أسد من أسد الله» أبو قتادة.
(٤) حائط من نخل.