شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[وحدة الحق في القطعيات والظنيات]

صفحة 209 - الجزء 2

  لم يخطئ، فكيف إذا كان⁣(⁣١) أباً نبياً⁣(⁣٢)؟

  وأما السنة: فمن ذلك قوله ÷: «لا يختلفُ عالمان، ولا يقتتلُ مسلمان» ولم يفصل.

  وما أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ÷: «إذا اجتهد أحدكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر».

  وأخرج الجماعة كلهم عن أبي هريرة نحوه، قال الترمذي: وفي الباب عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر.

  وفي رواية للحاكم: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله عشرة أجور»، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد.

  وعن عقبة بن عامر: أن رسول الله ÷ قال له في قضاء أمره به: «اجتهد فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة»، وروى نحوه أحمد بن حنبل في مسنده.

  وحملُهم التخطئة على صورة وجود القاطع⁣(⁣٣) أو ترك استقصاء⁣(⁣٤) المجتهد بعيدٌ⁣(⁣٥)، لا سيما من الصحابة، والحاكم المقصر مأزور، فلا يكون مأجوراً.

  وأما الإجماع فإن الآثار دالة على أن الصحابة كانوا يرددون الاجتهاد بين الصواب والخطأ، ويخطئ بعضهم بعضاً، بحيث تواتر القدر المشترك،


(١) أي: من لم يخطئ.

(٢) وقوله تعالى: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}⁣[الأنبياء ٧٩]، يحتمل إيتاء الحكمة ومناسبة الأحكام والعلم بطريق الاجتهاد، وهو الظاهر المراد هنا للقرائن السابقة. شرح غاية.

(٣) أي: وجوده في الواقعة، ولا كلام مع وجوده في خطأ المخالف.

(٤) أي: تقصيره في الاجتهاد وعدم استفراغ الوسع في ظن الصواب.

(٥) لما فيه من الحمل على غير السلامة لا سيما من الصحابة المنزهين عن ذلك لسهولة معرفتهم للمأخذ وحدهم في إظهار الصواب. سيلان.