شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[لا يصح لمجتهد قولان في وقت واحد]

صفحة 215 - الجزء 2

  (وقيل) أي: قال أبو طالب # وأكثر الفقهاء ورجحه المهدي #: إنه يجب عليه أن يطرحهما؛ لأنهما صارا بالتعارض كأن لم يوجدا، وحينئذ (يرجع) إما إلى غيرهما من أدلة الشرع إن وجد، وإما (إلى حكم العقل) إن لم يوجد، فيعمل بمقتضاه في ذلك الحكم، ومثل هذا التفصيل بعد الاجتهاد ذكره المهدي #.

[لا يصح لمجتهد قولان في وقت واحد]

  قال أئمتنا $ والحنفية: (ولا يصح لمجتهد قولان متناقضان)، ولا يتحقق تناقضهما إلا إذا صدرا من المجتهد الواحد (في) مسألة واحدة، أي: متحد موضوعها ومحمولها كلاً أو بعضاً؛ باعتبار شرط واحد، ومكان واحد، و (وقت واحد)؛ لأن دليليهما إن تعادلا توقف، وإن رجح أحدهما فهو قوله.

  فيصح من مجتهدين فصاعداً.

  ولا تناقض في نحو: الزكاة محرمة على الناس، أي: كلهم - وليست محرمة على الناس، أي: بعضهم. ولا في تحليلها لزيد بشرط الاضطرار، وتحريمها عليه بشرط الغنية ولا في تحريم الصيد عليه في الحرم أو وقت الإحرام، والتحليل له في غير ذلك مثلاً.

  واتحاد الوقت هنا اعتباري؛ لتعذر التحقيقي؛ إذ المراد منه: ما لا يمكن فيه تغير الاجتهاد، فأما إذا مضى منه ما يمكن فيه جاز، وإذا عرف التاريخ فالثاني رجوع عن الأول.

  واشتغال العلماء بروايته في الكتب ودراسته وحفظه لغرض التعريف بما كان منه من القول الأول، وأنه مما للاجتهاد فيه مسرح، وأنه إذا قال به قائل أداه اجتهاده إليه لم يقل إنه قال ما لم يقل به أحد، وصار الحال في ذلك كالحال في تلاوة المنسوخ حكمه من القرآن والسنة، وإن كان العمل على الحكم الذي قضى به المنسوخ لا يصح.