شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[بيان معنى المذهب وما يعرف به مذهب المجتهد]

صفحة 216 - الجزء 2

  فإن جهل⁣(⁣١) حكيا عنه، ولم يحكم عليه بالرجوع إلى أحدهما بعينه.

  (و) متى قيل: قد ورد مثل ذلك عن بعض أئمتنا $ والشافعي، قلنا: (ما يحكى عن) بعض أئمتنا $ من القولين والأقوال، وعن (الشافعي) أنه قال في سبع عشرة مسألة: لي فيها قولان (فمتأول) بوجوه، أصحها: أنه يعني أن له فيها قولين، قال بأحدهما، ثم قال بخلافه بعد واعتمده.

  واستقْرَبَهُ المهدي #.

  وقيل: أراد احتمالين بين وجههما؛ لينظر الناظر فيهما، فيختار ما يقوى عنده.

  واعترض بأن ذلك ليس بقول للمستنبط؛ إذ ليس بجازم فيهما بشيء.

  وقيل: أراد التخيير بين الحكمين.

  وفيه: أن التخيير قول واحد، لا قولان.

  وقيل: يعني فيها قولان لغيرنا.

  وفيه: أنه لو كان كذلك لم يضفه إلى نفسه.

  وروى عنه المَرْوَرُّوْذِي⁣(⁣٢) - أيضاً - التردد في ستة عشر أو سبعة عشر موضعاً. وهو دليل علمه؛ لأن التردد من غير ترجيح يدل على إمعان النظر الدقيق حتى لا يقف على حاله، وعلى ديانته؛ لأنه لم يبال بذكر ما تردد فيه، وإن كان قد يعاب على ذلك عادة بقصور نظره، كما عابه به بعضهم.

[بيان معنى المذهب وما يعرف به مذهب المجتهد]

  (و) المذهب في الأصل: موضع الذهاب، وفي اصطلاح العلماء: هو الاعتقاد الصادر عن دليل أو شبهة أو تقليد. ومنه الراي. وأما المعلوم ضرورة فلا يعد العلم به مذهباً، وكذا اعتقاد المعتقد تبخيتاً.


(١) أي: التاريخ.

(٢) هو أحمد بن عامر بن بشر بن حامد: فقيه من كبار الشافعية، عرفه السبكي بالقاضي أبي حامد، ولد بمرو الروذ سنة ٣٦٢ هـ وأقام زمنا بالبصرة ومات ببلده وإليها نسبته، له الجامع فقه وشرح مختصر المزني وكتاب في أصول الفقه.