[بيان معنى المذهب وما يعرف به مذهب المجتهد]
  وقد اختلف في التخريج على أصل مجتهد؛ فقال بعض أئمتنا $: يضاف إليه، واختاره في الفصول مع التقييد بأنه تخريج؛ لئلا يوهم الكذب، وليتميز عن نصوصه. وعن ذلك فرعوا الفروع، ويعبر عنها بالتخاريج والوجوه.
  وعند بعضهم: لا يضاف إليه.
  وجواز التقليد فيها وعدمه ينبني على ذلك.
  وقد هجن(١) الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد # على القائلين بالتخريج، قال: لأن الأحكام الشرعية قول عن الله تعالى إجماعاً(٢)، لأنه إنما يسأل المفتي عما يثبت من الأحكام عن الله تعالى، ولا يثبت شيء من الأحكام الشرعية بعد انقطاع الوحي إلا في كتابه أو سنة رسوله ÷ بالنص والقياس، والمقلِّد إذا أفتى بشيء فرعه على نصوص المجتهد لا يعلم أصولها من الكتاب والسنة، لا سيما مع ما تقدم من قاعدتهم في ذلك من عدم لزوم البحث عن الناسخ والمخصص، وعن مذهبه في تخصيص العلة، فمن أفتى بذلك فقد قال على الله بما لا يعلم، وقد قال تعالى: {.. وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ١٦٨ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ١٦٩}[البقرة]، ونحوها.
  وقد أوسع # الكلام في هذا المقام في الإرشاد فليطالع، وللقاضي عبدالله الدواري نحو من ذلك.
  قلت: وأيضاً قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة ٣]، وقد قال تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ}[الأنعام ٣٨]، وقال ÷: «ما علمت شيئاً يقربكم من الجنة إلا ودللتكم عليه، ولا شيئاً
(١) أي: قبح.
(٢) ونقل عن جماعة القول بإبطاله كالهادي وأبي طالب والإمام المهدي والناصر الحسن بن علي بن داود $ ونقله أيضاً عن الذهبي.