شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الاختلاف فيمن يقلد عند اختلاف المجتهدين مع التفاوت في الأفضلية]

صفحة 229 - الجزء 2

  وقد يكون الميت أرجح من الحي، حيث كان الميت في أعلى درجات العلم والورع، أو من أهل البيت $، والحي ليس كذلك. فما يوجد من كلام الميت المجتهد ومذهبه في كتاب معروف به يجوز لمن نظر فيه أن يقول: «قال فلان كذا» وإن لم يسمعه من أحد، نحو جامعي الإمام الهادي إلى الحق #؛ لأن وجوده على هذا الوصف بمنزلة الخبر المتواتر والاستفاضة، ولا يحتاج مثله إلى إسناد.

  (والأعلم) أولى بتقليده من غيره؛ أما إذا استويا في الورع فظاهر، وأما إذا كان ناقصُ العلم زائدَ الورع فعند الجمهور أنه أولى (من الأورع) أيضاً؛ لأن المسألة مبنية على استوائهما في الورع المحتاج إليه في الاستقصاء والتعرف لحكم المسألة بحيث لا يتسارع واحد منهما إلى الحكم قبل إيفاء النظر حقه، والزيادة المفروضة وراء ذلك.

  وذهب البعض إلى ترجيح الأورع؛ لأن شدة الورع تبعث على الاستقصاء في البحث عن مناط الحكم.

  وقد يكون الأورع أولى من الأعلم حيث تكون زيادة العلم يسيرة وزيادة ورع الأورع كثيرة؛ لقوة الظن بصحة قوله لشدة احتياطه فيما يفتي به، إلا أن يكون غيرُ الأعلم من أهل البيت $ ففي كل منهما مرجِحٌ، ومرجحُ الكائن من أهل البيت $ أقوى كما سيأتي إن شاء الله تعالى؛ للنصوص فيهم، ولأن علمهم أعم بركة، وأنظارهم معروفة بالإصابة، وهم مثَبَّتون، بخلاف غيرهم، لشرف رسول الله ÷.

  وزاد المؤيد بالله # على ذلك مما يوجب التفاوت: شدة البحث، وجودة الخاطر، وكون أحدهما أفرغ من الآخر.

  (والأئمة المشهورون) أي: المجتهدون أهل الحل والعقد من أهل البيت $، وقد تقدم تفسيرهم، سواء كانوا ممن قام ودعا كالحسنين وزيد بن علي والقاسم والهادي، أو لا كزين العابدين والصادق $.