شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[بماذا يصير المقلد ملتزما]

صفحة 238 - الجزء 2

  (واختلف في جواز تقليد إمامين فصاعداً) مع الاستواء في كمال الاجتهاد والعلم والورع ونحو ذلك مع بُعده⁣(⁣١) فمن أوجب التزام مذهب إمام معين لم يجزه؛ فقد دخلت هذه المسالة في مفهوم قوله: والتزام مذهب ... إلخ.

  وجوزه بعضهم مطلقاً. والإمام المهدي علي بن محمد والإمام شرف الدين وفهمه من تعليق الإفادة: تقليد أهل البيت $ جملة، أما حيث يتفقون فظاهر، وأما حيث يختلفون فيرجح أو يخير.

  (و) على القول بجوازه (لا يجمع بين قولين) فصاعداً (في حكم) واحد (على وجهٍ لا يقول به أي القائلين) سواء وافق غيرهما أو لا، أما إن لم يوافق غيرهما فلخرقه الإجماع، كتزوج رفيعة بغير ولي وشهود، وإن وافق فلعدم عمله بمن التزمه فتأمل والله أعلم.

  ولا يخفى أن الأنسب جعل هذه المسألة عقيب قوله: والتزام مذهب إمام معين ... إلى آخره، فليتأمل.

  (و) اعلم أن المفتي إما أن يكون مجتهداً أو لا؛ إن كان مجتهداً لم يجز له إذا سئل عما عنده أن يفتي إلا باجتهاده لا باجتهاد غيره، وإلا لزم أن يجوز من العامي الصرف أن يفتي من أي كتاب وقف عليه، ولا يجوز إجماعاً. إلا أن يسأل عن الحكاية لم يجب بغيرها؛ ليطابق السؤال. وللمستفتي أن يسأل عن المستند استرشاداً.

  وإذا أفتاه بمجمع عليه لم يخيره في القبول اتفاقاً، وكذا إذا كان مختلفاً فيه إلا أن يعرف ذلك من قصده، وعليه سؤال غيره إن لم تسكن نفسه بفتواه.

  فإن كان غير مجتهد فإنه (يجوز لغير المجتهد) إذا كان له رشد، عارفاً بالفروع، جامعاً لشروط الرواية (أن يفتي بمذهب مجتهد حكاية مطلقاً) سواء كان مطلعاً على المأخذ أهلاً للنظر في الترجيح أو لا بلا خلاف، كمن يفتي بما وجد في الكتب فإنه راو يعتبر فيه شروط الرواية.


(١) أي: الاستواء.