[بماذا يصير المقلد ملتزما]
  فليس بعضهم حينئذ أولى من بعض، فله أن يسأل أولاً من شاء وأن يسأل ثانياً غير من سأل أولاً.
  وأيضاً فإن ذلك قد وقع كما سبق من الصحابة وغيرهم. واختاره في المعيار والفصول.
  (وقيل) بل يفصل بأن يقال: (يأخذ بالأخف) من أقوالهم إذا كان ذلك (في حق الله تعالى)؛ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨]، فالأخذ بالأخف في حقه تعالى يوافق الآيتين، (و) يأخذ (بالأشد في حق العباد)؛ لأنه أحوط.
  (وقيل:) بل (يخير في حق الله تعالى) فيأخذ بأيها شاء؛ لأنه أسمح الغرماء، ولما تقدم، (ويعمل في حق العباد بحكم الحاكم)؛ لأنه أقطع للشجار. ولم يشر المصنف إلى اختيار أي هذه الأقوال.
  قلت: وكان الأنسب ذكر هذه المسألة عقيب قوله: ويتحرى الأكمل ... إلخ فإنها من ذلك الباب.
  وهذا فيمن يعقل كيفية التقليد (و) أما (من لا يعقل التقليد) والاستفتاء من العوام (لفرط عاميته) بأن يكون صرفاً لا رشد له ولا اهتداء إلى معرفة شيء من الفروع، ولا يستند فيها إلى قول مجتهد معين لا استفتاء ولا تقليداً، وإنما يعقل جملة الإسلام (فالأقرب) أي: أقرب المذاهب إلى الصواب (أنه يقر على ما لم يخرق الإجماع) من عبادة أو معاملة، بأن يوافق اجتهاداً اعتد به لم ينعقد الإجماع قبله أو بعده؛ إذ لو خرق الإجماع لم يصح منه، ولا يقر عليه، كما يقع من كثير من العوام من ترك الركوع في الصلاة رأساً فإن صلاته لا تصح لذلك.