[بماذا يصير المقلد ملتزما]
  وإنما حمل على ذلك لما اشتهر من أن النبي ÷ وأصحابه كانوا يغسلون أرجلهم في الوضوء.
  أو بين حديثين، كحديث: «فيما سقت السماء العشر»، مع حديث: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، فالأول شامل لما دون خمسة الأوساق وغيره، فيحمل على غيره؛ جمعاً بين الدليلين.
  أو بين الكتاب والسنة، مثاله: قوله تعالى: {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً}[الأنعام ١٤٥]، مع قوله ÷ في البحر: «هو الطهور ماؤه والحل ميتته»، فتحمل الآية على ميتة البر - لتبادرها إلى الأذهان - جمعاً بين الدليلين على رأي البعض.
  وذهب البعض إلى تقديم الكتاب، محتجاً بحديث معاذ المتقدم. ولا حجة فيه؛ لأن معاذاً إنما أراد العمل بالكتاب حيث وجد حكم الحادثة فيه فقط، وبالسنة حيث وجد الحكم فيها فقط.
  ولو سلم فمحمول على تقديم الكتاب على السنة على فرض تعارضهما من كل وجه.
  وذهب آخرون إلى تقديم السنة؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}[النحل ٤٤].
  قلنا: المعارض من كل وجه غير مبين له.
  وأما إن لم يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه فإما أن يقترن أحدهما بمرجح أو لا، فإن لم يقترن رجع إلى غيرهما كما سبق، وإن اقترنت به (فيجب تقديمها) والعمل بمقتضاها؛ (للقطع عن السلف) الماضي الصالح من الصحابة والتابعين وسائر المجتهدين (بإيثار الأرجح) من الأدلة، فإن من بحث عن وقائعهم المختلفة في الحوادث التي تتعارض فيها الأمارات وجدهم يقدمون الأرجح منها قطعاً، فكان ذلك دليلاً على وجوب الترجيح؛ لتضمنه الإجماع.