شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[جهات الترجيح بحسب المدلول]

صفحة 258 - الجزء 2

  وإذا نقل بالآحاد إجماعان متعارضان فيقدم الإجماع السابق؛ لأن الظن يقضي ببطلان اللاحق⁣(⁣١)؛ لمخالفته [السابق]⁣(⁣٢).

  والإجماع الظني من جهة السند والمتن يقدم عليه الإجماع الظني من جهة واحدة، وإجماع كل المجتهدين والعوام على إجماع المجتهدين خاصة، وما انقرض فيه عصر المجمعين على ما لم ينقرض، وما لم يسبقه خلاف مستقر على ما سبقه؛ لما عرفت من الخلاف في اعتبار العوام، وانقراض العصر، وألا يسبقه خلاف مستقر، وقس على ذلك⁣(⁣٣).

  وقيل: الإجماع المسبوق بالخلاف أرجح؛ لأنهم اطلعوا على المآخذ، واختاروا مأخذ ما أجمعوا عليه، فكان أقوى.

  وقيل: سواء؛ لتعارض المرجحين، والله أعلم.

[جهات الترجيح بحسب المدلول]

  (و) أما الترجيح بحسب الحكم المدلول؛ فمنها: أنه يرجح الحظر على غيره؛ لِما تقدم في تقديم النهي على الأمر.

  و (يرجح الوجوب على الندب) والكراهة؛ للاحتياط. والكراهة على الندب؛ لأن الفعل حينئذ يكون فيه شائبة مفسدة وشائبة مصلحة، وقد تقرر أن دفع المفاسد في نظر العقلاء أولى.

  والندب على الإباحة؛ للاحتياط، لأن الفعل إن كان مندوباً ففي تركه إخلال بالطلب، وإن كان مباحاً فلا إخلال إن فعله.


(١) ينظر في صحة انعقاد الإجماع اللاحق بعد الأول، ولعله يقال: الآحاد قد نقلت الإجماعين فتعارضا في نظر المجتهد، وأما في نفس الأمر فلم يقعا. سيلان

(٢) ما بين المعكوفين من شرح الغاية.

(٣) عبارة شرح الغاية: وقس على ذلك ما سبق من الإجماعات المختلف فيها.