شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[جهات الترجيح بحسب الأمر الخارج]

صفحة 261 - الجزء 2

  ويرجح بموافقته لعمل الأكثر من العلماء؛ لقوة الظن به؛ لبعد غفلة الأكثرين عن الراجح، وقيل: لا ترجيح بذلك؛ لأنه ليس بحجة. وفي تعليله نظر لا يخفى⁣(⁣١).

  (أو الأعلم) لأنه الأخبر بالتأويل، وأعرف بمواقع الوحي والتنزيل.

  (و) يرجح الخبر على معارضه (بتفسير راويه) تفسيراً يليق باللفظ، إما بقوله، كقوله ÷: «لا يغْلَق الرهن بما فيه»، فإن راويه فسره بأن معناه: لا يصير مضموناً بالدين.

  وإما بفعله، كحديث ابن عمر: «المتبايعان بالخيار في بيعهما ما لم يفترقا»، يحتمل التفرق بالبدن والتفرق بالقول، وقد روي أن ابن عمر كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى قليلاً ثم رجع. وأصحابنا يرجحون خلافه؛ لإطلاق الآيات، مثل قوله تعالى: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}⁣[البقرة ٢٨٢]، والتجارة هي البيع والشراء، وقد حصلا بالعقد عن تراض، والأمر بالإشهاد للوثيقة في العقد، فإثبات الخيار بعده ينافيها.

  (و) يرجح (بقرينة تأخره) عن معارضة قرينة لا تقوى على النسخ، كأن يكون مؤرخاً بتاريخ مضيق، كحديث ابن عباس في شاة مولاة ميمونة ماتت فقال: «هَلَّا انتفعتم بجلدها»، مع حديث عبدالله بن عُكَيم أنه ÷ كتب إلى جهينة قبل موته بشهر⁣(⁣٢): «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب».

  أو متضمناً للتشديد دون الآخر؛ لتأخر التشديدات؛ إذ لم تجيء إلا بعد ظهور الإسلام وقوة شوكته. وكذا إذا كان أحدهما أمس بالمقصود وأقرب إليه من الآخر، مثل قوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[النساء ٢٣]،


(١) لأن الكلام في كونه مرجحًا.

(٢) يقال: هلا حكم للمطلقة بأقرب وقت. سيلان.