[جهات الترجيح بحسب الأمر الخارج]
  مع قوله تعالى: {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء ٣]، فإن الأولى تدل بعمومها على تحريم الجمع بينهما في الوطء، أعم من أن يكون بالنكاح وبالملك أو بأيهما؛ لأنه وإن كان السياق في تحريم النكاح لا ينافي أن يعطف عليه تحريم الجمع بينهما في الوطء مطلقاً، والأخرى تدل بعمومها على إباحة الجمع في الوطء بالملك، لكن الأولى أمس بالمقصود(١)؛ لأن الكلام فيها مسوق للتحريم، بخلاف الأخرى فإنها مسوقة لإيجاب العدلِ بين الأزواج وطريقِ التفصي إذا خيف ألا يقام بالعدل. على أن التحريم أرجح للحيطة، وقد رجحه علي #، وقوله حجة كما تقرر.
  وقد ادعى ابن عبد البر الإجماع القطعي على التحريم.
  قال في شرح العمدة: من مستندات الإجماع القطعي على التحريم ولو بالملك ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أم حبيبة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين».
  وأخرج ابن عبد البر عن علي - كرم الله وجهه -: يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك من الحرائر.
  قال الشافعي: تحريم الجمع بين من ذكر هو قول من لقيته من المفتين، لا خلاف في ذلك بينهم. قال ابن المنذر - وهو من أهل الاجتهاد المطلق -: لا أعلم خلافاً فيه اليوم. وكذا نقل الإجماع ابن عبد البر وابن حزم الفرضي والنووي، انتهى.
  (و) قد دخل قوله: (بموافقته القياس) في قوله سابقاً: «وبموافقته لدليل آخر» كما أشرت إليه في شرحه؛ إذ القياس أحد الأدلة، فلعل ذكره هنا ليرتب عليه ما بعده.
(١) وهو بيان حكم الجمع.