شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الترجيح بين المعقولين إذا تعارضا]

صفحة 263 - الجزء 2

[الترجيح بين المعقولين إذا تعارضا]

  ولما فرغ من الكلام في الترجيح بين المنقولين أخذ في بيان الترجيح بين المعقولين كقياسين. والكلام فيه بحسب حكم الأصل، أو بحسب العلة نفسها، أو بحسب دليل العلة، أو بحسب الفرع.

[الترجيح بين القياسين بحسب حكم الأصل]

  أما الترجيح بين القياسين بحسب حكم الأصل فإذا كان حكم الأصل في أحد القياسين قطعياً والآخر ظنياً (و) جب الترجيح (بكون حكم أصله قطعياً) على ما ليس كذلك. (أو) لم يكن قطعياً بأن كانا ظنيين فإنه يرجح أحدهما بكون (دليله أقوى) من دليل الآخر، كأن يثبت في أحد الأصلين بالمنطوق والآخر بالمفهوم؛ لقوة الظن بقوة الدليل. أو كونه جارياً على سنن القياس أ (و لم ينسخ باتفاق) والآخر مختلف في كونه كذلك؛ لبعده⁣(⁣١)، كقول الحنفي في إيلاج الدبر بلا إنزال: «إيلاج في أحد السبيلين بلا إنزال فلا يوجب الغسل كالإيلاج في السبيل الآخر بلا إنزال».

  وقولنا: «مظنة الإنزال فيوجبه كما يوجب الوضوء، كإيجابه بالنوم مضطجعاً وإن لم يخرج شيء»، فقياسنا أرجح⁣(⁣٢).

[الترجيح بين القياسين بحسب علة حكم الأصل]

  (و) أما الترجيح بحسب علة حكم الأصل فإنه يرجح أحدهما (بكون علته) أي: علة حكمه (أقوى) من علة حكم الآخر، وقوتها إما (لقوة طريق وجودها في الأصل) بأن يكون وجودها في أحدهما معلوماً دون الآخر، مثاله: إذا قيل في الوضوء: طهارة حكمية فتفتقر إلى النية كالتيمم، مع قول الآخر: طهارة بمائع فلا تفتقر إليها كغسل النجاسة، فإن كونه طهارة حكمية معلوم.


(١) عبارة شرح الغاية: لبعده عن الخلل.

(٢) لأن حكم الأصل في الأول مختلف في نسخة بخلاف الثاني.