شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[خاتمة في الحدود]

صفحة 272 - الجزء 2

  (و) الثاني: الحد (الحقيقي الناقص: ما كان بالفصل) القريب (وحدْه، كناطق) في تعريف الإنسان أيضاً، (أو) به (مع جنسه) أي: المحدود (البعيد، كجسم ناطق) في تعريف الإنسان أيضاً، فـ «جسم» جنس للإنسان بعيد من حيث أنه يشمل الحيوان وغيره من نامٍ وغيره، وإنما كان ناقصاً لعدم ذكر بعض الذاتيات فيه. فعرفت أن مدار الحدية على كون المميز فصلاً.

  (والرسمي) منسوب إلى الرسم؛ لكونه تعريفاً بالأثر، مأخوذ من رسم الدار، أي: أثرها، ينقسم أيضاً إلى قسمين: تام، وناقص. فالأول (تام) وهو: (ما كان بالجنس القريب والخاصة)، وهي: كلي خارج يحمل على ما تحت حقيقة واحدة، سواء كانت تلك الحقيقة نوعية أو جنسية، فالتحيز خاصة للجسم المطلق، وعرض عام للنامي وما تحته.

  وقد تكون شاملة لجميع أفراد ما هي خاصة له كالكاتب والضاحك بالقوة للإنسان، وغير شاملة كالكاتب والضاحك بالفعل له. وذلك (كحيوان ضاحك). وسمي تامًّا للمشابهة بينه وبين الحقيقي التام من جهة أنه وضع فيه الجنس القريب، وقيد بمختص به وهو الضاحك.

  (و) الثاني: الرسمي (الناقص) وهو: (ما كان بالخاصة وحدها) نحو: الإنسان ضاحك (أو مع الجنس البعيد، كجسم ضاحك) في تعريف الإنسان، فإن أريد ضاحك بالقوة فهي خاصة شاملة، وإن أريد بالفعل فهي غير شاملة. وسمي ناقصاً لعدم ذكر بعض أجزاء الرسم التام.

  (أو بالعرضيات التي تختص جملتها بحقيقة واحدة) لا كل واحد منفرداً، وتسمى الخاصة المركبة، (كقولنا في تعريف الإنسان: ماشٍ على قدميه، عريض الأظفار، بادي البشرة، مستوي القامة، ضاحك بالطبع)، فإن جملة هذه الأوصاف مختصة بالإنسان، لا كل فرد منها على انفراده، فإن كثيراً من الحيوان يمشي على قدميه، ومن عريض الظفر الجمل، ومن بادي البشرة كثيراً من الحشرات، ومن مستوي القامة والضاحك الدب كما يروى، فقد دخل في الخاصة، والله أعلم.