[خاتمة في الحدود]
  (و) يشترط في المعرِّف أن يكون أجلى من المعرَّف، فلا بد أن تكون معرفة المعرِّف حاصلة قبل حصول معرفة المعرَّف بوجه من الوجوه؛ لأن المراد التوصل إلى المجهول بالمعلوم، ولذا قلنا: إنه (يجب الاحتراز في الحدود عن تعريف الشيء بما يساويه) في التعريف ضرورةً كالمتضايفين، نحو: تعريف الأب بـ: «من له ابن» فإنهما يتعقلان معاً بالضرورة، أو عادةً كالمتضادين، مثل: السواد والبياض، أو بالنظرِ إلى من يعرَّف له، كتعريف الزرافة بـ: «حيوان يشبه جلده جلد النمر» لمن لم يعرف النمر.
  وعن تعريفه بما يساويه (في الجلاء والخفاء. و) عن تعريفه بالأخفى، كتعريفه (بما لا يعرف) ذلك الشيء (إلا به) بأن تكون معرفة الحد موقوفة على معرفة المحدود؛ لأنه دور، سواء كان ذلك التوقف (بمرتبة) أي: بواسطة مرتبة - ويسمى الدور الظاهر - مثل تعريف الكيفية بـ: «ما به تقع المشابهة واللا مشابهة»، ثم تعريف المشابهة بـ: «الاتفاق في الكيفية».
  (أو) بواسطة (مراتب) جمع مرتبة، والمراد به ما فوق الواحد، ويسمى الدور الخفي، مثل تعريف الاثنين بـ: «أول عدد منقسم بمتساويين»، ثم تعريف المتساويين بـ: «الشيئين الغير المتفاضلين»، ثم تعريف الشيئين بـ: «الاثنين»، فالمتساويان يتوقفان على الاثنين بمرتبتين: إحداهما: توقف المتساويين على الشيئين، والثانية: توقف الشيئين على الاثنين.
  (ويجب الاحتراز عن استعمال الألفاظ) المجازية والمشتركة و (الغريبة) التي لم تعرف، من غير قرينة؛ لأن ذلك مفوِّت للغرض كما في تعريف النار بالخفيف المطلق، وكما يقال: «النار: اسطقص فوق الاسطقصات»، أو: «عنصر فوق العناصر»، والأسطقص والعنصر: هو الأصل، فحد الشيء بما هو أخفى منه، وكما لو قيل في حد العلم: ما يقتضي سكون الجرشى، وهو من أسماء النفس.