شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[خاتمة في الحدود]

صفحة 275 - الجزء 2

  فقد تعارضا؛ لأن الأول يقتضي أن الجنابة غير خروج المني، والثاني يقتضي أنها نفس خروجه، فإن الأول أرجح؛ لكونه أصرح؛ لِما في الثاني من التجوز؛ إذ يسبق إلى الفهم أن الجنابة⁣(⁣١) صفة المني، وإنما الجنب صاحب المني.

  وكتعريف الشمس بأنها عين موجودة، فإنه مشترك. وكتعريف الخلق بالديدن، فإنه غريب. (أو المعرف فيه) أي: في أحدهما (أعرف) وأشهر منه في الآخر فيكون إلى التعريف أقرب، مثاله: «الحوالة: نقل الدين من ذمة إلى ذمة». مع قول الآخر: «ضم ذمة إلى ذمة»؛ فالأول أشهر.

  (و) يرجح أيضاً (بعمومه) أي: بكون مدلول أحد الحدين أعم من مدلول الآخر؛ تكثيراً للفائدة⁣(⁣٢).

  مثاله: «الخمر: ما أسكر»، مع قول الآخر: «هي التي من العنب إذا أسكر»، فإن الحدين متعارضان، والأول أعم؛ لاقتضائه أن كل مسكر يسمى خمراً فكان أرجح.

  (و) هاهنا ترجيحات بأمور خارجية أشار إليها بقوله: (بموافقته النقل السمعي) أ (و اللغوي) وتقريره لوضعها على ما لم يوافقهما؛ لبعد الخلل عن الموافق له، وكونه أغلب، كالمثال، فإن الأول موافق⁣(⁣٣) لقول الشارع: ما أسكر فهو خمر، واللغوي أيضاً فإن معناه عند أهل اللغة ما يخامر العقل، وهو معنى الإسكار، والثاني لا يوافق ذلك النقل.

  وفيه أن مخالف السمعي لا اعتبار به، فلا معارضة، فلا ترجيح.

  (وبعمل أهل المدينة أو الخلفاء الأربعة) بناء على أن قول علي # ليس بحجة وإلا فقد دخل في السمعي، (أو العلماء) جميعاً وهو الإجماع، فقد دخل في السمعي أيضاً بقرينة.


(١) عبارة النيسابوري: إذ يسبق منه إلى الوهم أن يكون المني جنبا، وإنما الجنب صاحبه.

(٢) لكثرة جزئيات محدوده. سيلان.

(٣) عبارة ابن لقمان في شرحه: فإن الأول موافق للنقل السمعي لقول الشارع: ما أسكر فهو خمر، واللغوي أيضًا ... الخ.