[أول الأدلة: الكتاب]
  ألفاظه له معنى، ومعانيه [واضحة بينة مستقيمة لا تخفى(١)] إما حقيقية أو مجازية، لغوية أو شرعية أو عرفية، وتصح معرفتها لكل أحد من المكلفين، وإلا كان هذيانا، وانتقض الغرض بالخطاب - أعني فهم المعنى - وصار كخطاب العربي بالعجمية التي لا يمكنه تفهمها، وذلك لا يليق بالحكيم تعالى.
  (خلافا للحَشَوَيَّة) - بفتح الشين - نسبة إلى الحشا؛ لأنهم كانوا يجلسون أمام الحسن البصري في حلقته، فوجد كلامهم رديًّا، فقال: ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة أي: جانبها والجانب يسمى حشا، ومنه الأحشاء لجوانب البطن. وقيل: بإسكانها؛ لأن منهم المجسمة، والجسم محشو. وقيل: لكثر روايتهم الأخبار، وقبولهم لما ورد عليهم من غير إنكار، فكأنهم منسوبون إلى حشو الكلام - فقالوا: إن فيه المهمل، محتجين بما ورد في أوائل السور من الحروف المقطعة، نحو {ألم} {طه} {طسم}.
  قلنا: لها معانٍ يعرفها أولوا العلم؛ ولذا اختلف المفسرون فيها على أقوال قريبة من سبعين قولا، ذكره البارزي، منها: أنها أسماء للسور لتعرف كل سورة بما افتتحت به. وقيل: سر بين الله تعالى وبين نبيئه ÷. وقيل: حروف مأخوذة من صفات الله تعالى، كقول ابن عباس ® في {كهيعص}: إن الكاف من كافٍ، والهاء من هادٍ، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق.
  وقيل: أقسام أقسم الله بها؛ لشرفها وفضلها، واختاره الإمام المهدي الحسين بن القاسم @ في تفسيره الغريب، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد #، قال: بدليل العطف عليها بمقسم بها. وجوابها: إما مذكور، نحو: {يس ١ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ٢ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ٣}[يس]، وإما مقدر، نحو: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ١}[ق].
(١) مخدوش في نخ المؤلف.