[الدليل الثاني: السنة]
  وأما حكم أقواله ÷ المتعلقة بالغير: فإذا قضى ÷ على الغير بحق أو مال دل على لزومه للمقضي عليه ظاهرا فقط؛ ولذا قال ÷: «إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أَلْحَنُ بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذنه، فإنما أقطع له قطعة من النار». رواه في أصول الأحكام وغيره من كتبنا، والشيخان.
  وإذا ملَّك أحدًا مؤمنًا كان أو كافرًا فيفيد الملك ظاهراً وباطناً عند الحفيد(١) وغيره. وقال الدواري(٢): إن مَلِكَهُ ÷ من غيره ثم مَلَّكَهُ الغيرَ فظاهراً فقط، وإن مَلِكَهُ من الغنائم ونحوها - كفدك - فظاهراً وباطناً.
  ودعاؤه ÷ يقتضي إيمان المدعو له ظاهراً وباطناً عند الحفيد وغيره. وقال ابن أبي الخير: إن انضم إلى دعائه قرينة تدل على الباطن قطعاً فإرادته معلومة، أو ظناً فإرادته مظنونة، وإلا فالوقف. وهو الأولى؛ لجواز كونه مشروطاً وإن لم ينطق به، كما في دعاء أحدنا لغيره؛ لأن دلالة العقل مشترطة لذلك، ومهما اعتقدنا جهلاً فقد أُتِيْنَا من جهة أنفسنا. والله أعلم.
[فعل النبيء ÷]
  (وأما الفعل) أي: فعل الرسول ÷ هل هو دليل شرعي على ثبوت مثل ذلك الفعل في حقنا أو لا؟ (فالمختار) عند أئمتنا $ والجمهور (وجوب التأسي به ÷ في جميع أفعاله) وتروكه، لكن إن أراد بالجميع ما علم وجهه فمع مناقضته لما سيأتي من قوله: «فما علمنا وجوبه ..» إلخ - يلزم وجوبُ ندبِه وإباحتِه علينا، اللهم إلا أن يقال: المراد أنَّا متى أردنا فعلهما لم يجز إلا على جهة كونه مندوباً أو مباحاً.
(١) أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد الرصاص، علامة أصولي من كبار علماء الزيدية، [لولا بغيه على الإمام المهدي أحمد بن الحسين #] توفي سنة ٦٥٦ هـ، وأينما أطلق الحفيد في هذا الكتاب فهو المراد.
(٢) عبد الله بن الحسن بن عطية بن المؤيد الدواري أبو محمد القاضي العالم، ولد سنة ٧١٥ هـ، له مصنفات منها شرح على الجوهرة، توفي بصعدة في صفر سنة ٨٠٠ هـ. طبقات الزيدية.