[الدليل الثاني: السنة]
  الندب أيضا، فلو ترك القنوت في الفجر لا لسهو ولا لكونه نفلا علمنا أن الأمر به على جهة النفل قد ارتفع. كذا قيل.
  (وفعله لما نهى عنه) نهيا مطلقا كذلك(١) (يقتضي الإباحة)؛ إذ لو كان محظورا لما فعله؛ لعدم جوازه في حقه كما تقدم، فلو نهانا عن قتل القمل في الصلاة، أو إلقاء النخامة في المسجد، ثم فعل لا لعذر - اقتضى فعله الإباحة، وكان قرينة صارفة للنهي عن الحظر.
  وفي كل ذلك إن قام دليل الخصوصية فذاك، وإلا كان حكمنا حكمه فيه.
[تقرير النبيء ÷]
  ولما فرغ من بيان نوعي السنة الأولين - وقدمهما لقوتهما - أخذ يبين الثالث فقال: (وأما التقرير) أي: تقرير الرسول ÷ لغيره (فـ) إنما يكون دليلا بشروط:
  أحدها: (إذا علم ÷ بفعل) أو قول أو ترك (من) مكلف (غيره) غير معذور - سواء كان بين يديه أو لا - ثم سكت (ولم ينكره) على فاعله. والثاني: أن يقع (وهو قادر على إنكاره) أي: الحكم بكونه منكرا لو كان منكرا، لا إنْ لم يكن قادرا فلا تأثير لسكوته وعدم إنكاره اتفاقا؛ لجواز إنكاره مع حصول القدرة. والثالث: أن لا يكون مما علم أنه منكر له، وترك إنكاره في الحال لعلمه أنه علم منه ذلك، وبأن الإنكار لا ينفع في الحال، ولذا قال: (وليس كمضي كافر إلى كنيسة)؛ إذ لو كان كذلك لم يكون لسكوته ÷ أثر في الجواز اتفاقا.
  (و) الرابع: أن (لا) يكون قد (أنكره) أي: نحو ذلك الفعل (غيره ÷)؛ إذ لو أنكره أحد وعلمه كان سكوته تقريراً للإنكار لا للمنكر - (دل ذلك) التقرير (على جوازه) أي: كونه مشروعاً وجوباً، أو ندباً، أو كراهة، أو إباحة، للمقرر مطلقاً، ولغيره إما لمشاركته في علته، وإما لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة.
(١) أي: لا لعذر ولا لسهو.